تعاني المناطق اللبنانية التي تتعرض للغارات الإسرائيلية من أزمات متفاقمة لا تقتصر على القتل والدمار، بل تشمل أيضًا انتشار روائح كريهة بعد كل غارة، ما يدفع السكان إلى مغادرة مناطقهم خوفًا من استخدام أسلحة كيميائية.
وقد أثار بيان نقابة الكيميائيين اللبنانية حول استخدام الجيش الإسرائيلي لقنابل تحتوي على اليورانيوم المنضب قلقًا كبيرًا لدى المواطنين، إلا أن وزارة الصحة سارعت لنفي هذه الأنباء، محذرة من نشر معلومات غير دقيقة.
وفي تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، أكد مدير الهيئة للطاقة الذرية بلال نصولي “عدم وجود أدلة حتى الآن على استخدام اليورانيوم المنضب في الاعتداءات الإسرائيلية”.
وأوضح أن “نتائج العينات المأخوذة مؤخرًا بالتعاون مع الجيش من المواقع المتضررة ستصدر خلال الأيام الخمسة المقبلة”.
وأشار نصولي إلى أن “الهيئة تعمل بالتنسيق مع الجيش، وأن العينات تم أخذها من مواقع مشبوهة في الضاحية الجنوبية، مع اتباع بروتوكولات دقيقة لضمان موثوقية الفحوص المخبرية”.
وشدد على أن “أي حكم باستخدام اليورانيوم المنضب يجب أن يستند إلى نتائج التحاليل وليس إلى مؤشرات بصرية مثل لون الحريق أو حجم الدمار”، مؤكداً أن “اليورانيوم المنضب يستخدم في بعض الصواريخ لاختراق التحصينات، ولكن الكميات المستخدمة عادة تكون صغيرة”.
وعلى الرغم من عدم وجود مؤشرات على وجود تلوث إشعاعي، أوضح نصولي أن “الهيئة ستواصل جمع العينات وتوسيع نطاق الفحوصات بالتنسيق مع الجهات المختصة”، مشيراً إلى أن “الخطوة التالية ستكون أخذ عينات من الهواء بعد وقف إطلاق النار”.
وفي ظل استمرار القصف، حذر الخبراء من التأثيرات البيئية الواسعة النطاق، مثل تلوث الهواء والمياه.
وأوضح الخبير في الشؤون البيئية والكيميائية جلال حلواني أن “الغازات السامة الناتجة عن الانفجارات ستظل عالقة في الجو حتى هطول الأمطار، مما قد يؤدي إلى “المطر الحمضي” نتيجة تفاعل الغازات الكيميائية مع مياه الأمطار، مما يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي”.
وأشار حلواني إلى أن “الغسلة الأولى المتوقعة للأجواء بعد هطول الأمطار الكثيفة ستزيل جزءًا من الملوثات، بينما ستكون الغسلة الثانية أكثر فعالية في تنظيف الهواء، ومع ذلك، يبقى خطر انتقال هذه الملوثات إلى التربة والمياه السطحية قائمًا، مما يستدعي تكثيف جهود معالجة التلوث البيئي”.
وفي ظل الوضع الراهن، لفت حلواني إلى أن “القصف الذي تعرض له لبنان وغزة خلال هذا العام يفوق بكثير ما شهدته ألمانيا واليابان خلال الحرب العالمية الثانية، مما سيؤثر على التربة والمياه لفترة طويلة”.
وخلص إلى أن “التربة اللبنانية تحتاج إلى خمس سنوات على الأقل لتعود صالحة للاستخدام”.