أخبار محلية

هذه المركبات خطرٌ متنقل على طرقات لبنان

لبنان24

صحيح ان فوضى الدراجات النارية ليست بجديدة، فلطالما شهدت الطرقات اللبنانية تزايدا لهذه الظاهرة على اعتبار انها الحل الأنسب للهروب من زحمة السير، لكنها انتشرت بشكل كبير وعشوائي منذ بداية الأزمة المالية والاقتصادية في لبنان أي منذ نهاية الـ 2019 حيث اعتمدها عدد كبير من المواطنين كوسيلة نقل أقل كلفة من السيارة مع ارتفاع أسعار المحروقات، فهي لم تعد فقط مخصصة للـ”دليفري” بل حتى للموظفين الذين باتوا يفضلون الذهاب بالدراجات النارية إلى أعمالهم توفيرا للمال والوقت وازدحام الطرقات.

أصبحت الدرجات النارية تُشكّل في الآونة الأخيرة أكثر من 50 بالمئة من سوق مبيعات وسائل النقل في لبنان، لكن مع الأسف لا يمر يوم دون ان نسمع عن حوادث قاتلة تتسبب بوفاة عشرات الشباب، إما بسبب السرعة الزائدة أو بسبب عدم وضع الخوذة الواقية او بسبب عدم الالتزام بتدابير السلامة العامة.

فمشاهد السباقات على الطرقات وركوب عائلة بأكملها على متن دراجة، والقيادة عكس السير أصبحت من المشاهد المألوفة على الطرقات اللبنانية، علما ان المادة 18 من قانون السير رقم 243 تحظر على سائقي الدراجات الآلية والدراجات الهوائية ومرافقيهم، القيادة من دون اعتماد خوذة واقية تحدد مواصفاتها بقرار يصدر عن وزير الداخلية والبلديات، مربوطة بإحكام تقيهم الصدمات أثناء القيادة.اما المُخالفة في القانون فتقع ضمن جدول مخالفات الفئة الأولى وهي: عدم ارتداء الخوذة، عدم ربط الخوذة، خوذة غير قانونية.

ضحايا بالمئات
أما عن أرقام ضحايا حوادث سير الدراجات النارية فقد تمّ عام 2023 تسجيل وفاة نحو 400 شخص جراء حوادث السير عموماً، مع الإشارة إلى انه لا تتوافر بيانات محددة بخصوص عدد الوفيات المتعلقة بحوادث الدراجات النارية خصوصاً.

وفي هذا الإطار، يقول المحامي الدكتور زياد عقل مؤسس جمعية “اليازا” عبر “لبنان 24” ان “حوادث الدرجات النارية إضافة إلى “التوك توك” زادت في لبنان بنسب مرتفعة جدا خلال الفترة الأخيرة وهذا أمر مؤسف”، مشيرا إلى انه “بعد الأزمة المالية والاقتصادية ارتفع منسوب الاعتماد على الدراجات النارية كخيار للتنقل نتيجة ارتفاع أسعار البنزين ما تسبب بفوضى كبيرة على الطرقات”.

وشدد عقل على ان “سائقي الدراجات النارية ملزمون باستخدام الخوذ الواقية من الحوادث وليس فقط للسائق بل أيضا للراكب الذي يكون معه على متن الدراجة ولكن للأسف الالتزام بمعايير السلامة العامة في لبنان متدنٍ جدا في ظل غياب شبه تام لتطبيق القوانين من قبل القوى الأمنية وشرطة البلديات”.

ويضيف عقل: “نحن نطالب باستمرار كجمعية اليازا بعدم استخدام السائقين الخوذ غير الصالحة للاستخدام خوفا من دفع غرامات على المُخالفات بل اختيار خوذ مطابقة لمواصفات آمنة كخوذ الـ CE أو DOT ذات جودة عالية يُمكنها ان تُنقذ حياة السائق في حال وقوع حادث مروري”.

ويلفت عقل إلى وجود ظاهرة قديمة في لبنان وهي ان سائقي الدراجات النارية يعتقدون بأنهم غير ملزمين بتطبيق القانون ان من خلال القيادة عكس السير او على اليمين او في الاتجاهات الخاطئة، علما ان القانون يُطبق على الدراجات النارية وعلى السيارات بالطريقة نفسها، وبالتالي على سائقي الدراجات الالتزام بإشارات المرور وبقانون السير.

وتابع: “نحن نسعى مع العديد من أندية الدراجات النارية الموجودة في لبنان وسائقي الدراجات لنشر الوعي وإطلاق حملات توعوية للحد من مخاطر القيادة وفي حال استخدام الدرجات ان يتم الالتزام بقانون السير ووضع الخوذ الواقية واختيار الخوذ ذات جودة مرتفعة وبمواصفات عالية”.

وأسف عقل لغياب امتحانات السوق في لبنان، وقال: “هذا ضرر كبير ومن يريد ان يقود دراجة نارية في أي دولة في العالم عليه ان يخضع لامتحان سوق جدي وهذا الأمر للأسف غير موجود في لبنان”.

كما شدد على أهمية المعاينة الميكانيكية للدراجات النارية لأن أي خلل ميكانيكي قد يؤدي إلى حوادث قاتلة، لافتا إلى ان “دور قوى الأمن الداخلي كبير جدا لجهة قمع المُخالفات”.

وأضاف: “هناك نسبة كبيرة من سائقي الدراجات يخالفون النظام كما ان ظاهرة السرقات من خلال الدراجات تتزايد بشكل كبير في لبنان نتيجة غياب تطبيق القوانين وخاصة مراقبة الدراجات النارية وعدم إلتزامها بالقانون”.

وطالب عقل بتطبيق القوانين على كل المركبات بشكل عام وعلى الدراجات النارية بشكل خاص والتأكد من تسجيلها في هيئة إدارة السير والآليات والمركبات، كما دعا قوى الأمن لبذل المزيد من الجهود لقمع ظاهرة استخدام الدراجات النارية كوسيلة لمخالفة قانون السير.

أعداد الدراجات النارية
بحسب دراسة سابقة أعدتها “الدولية للمعلومات”، تم استيراد 177 ألف دراجة نارية إلى لبنان خلال 6 سنوات، فنتيجة الأزمة المالية التي يمر بها البلد، والتي أدت الى ارتفاع أسعار المحروقات وتالياً كلفة النقل، عمد الكثير من اللبنانيين إلى شراء الدراجات النارية لاستخدامها في التنقل كبديل عن السيارة.

فبعدما شهد عام 2021 استيراد 29,102 دراجة نارية ارتفع العدد الى 47,077 دراجة حتى نهاية تموز 2022، ليصل إجمالي عدد الدراجات التي تم استيرادها خلال الأعوام (2017-2022 في نهاية تموز 2022) إلى 177،388 دراجة.

أما إجمالي الدراجات المُسجلة فيبلغ نحو 289 ألف دراجة، أما غير المُسجلة فربما تقترب من هذا العدد.

وأخيرا لا بد على القوى الأمنية من التشدد في مسألة عدم التزام سائقي الدراجات النارية بالقوانين لتجنب وقوع عدد كبير من الضحايا والوفيات فخطر الدراجات النارية لا يقع فقط على سائقها بل أيضا على جميع من يسلكون الطرقات، كما لا بد من ضبط المُخالفات والدراجات غير المُسجلة بهدف الحد من موجة السرقات التي تزايدت بشكل جنوني في الفترة الأخيرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى