موجة نزوح جديدة: هل بدأت إسرائيل بسياسة تهجير الجنوب؟
ع كل موجة كبيرة من العدوان الإسرائيلي، الذي يتوسع جغرافياً بشكل يومي، ويوغل بمزيد من “التفنن” بالقتل وعمليات الاغتيال والتدمير، تُسجَّل في بلدات وقرى جديدة على امتداد الجنوب، عمليات نزوح متفاوتة بين بلدة وأخرى، بعدما كانت الكثير من العائلات عادت إلى بلداتها، على إثر خطاب السيد، والذي جاء بعد عملية الأربعين، رداً على اغتيال القائد فؤاد شكر في أواخر تموز من العام الحالي.
القطاعان الغربي والأوسط
أتت عمليات النزوح المتجددة، التي بدأت في أعقاب التطورات العسكرية والميدانية الجديدة، منذ أكثر من أسبوع، تزامناً مع مئات الغارات الحربية التي نفذتها إسرائيل، على جوار الليطاني وأودية ومناطق مفتوحة، قريبة من عدد من البلدات، في القطاعين الغربي والأوسط وصولاً إلى مناطق العيشية والريحان وإقليم التفاح ومجرى الليطاني.
وبعد العدوان الإسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية الجمعة الماضي، الذي استهدف اجتماعاً لقيادة قوات الرضوان، وما سبقه يومي الثلاثاء والأربعاء من تفجير أجهزة النداء- البايجرز واللاسلكي، تسود أجواء من الخوف والقلق، بالتزامن مع انطلاق العام الدراسي في المدارس الخاصة، حيث نزحت عشرات العائلات من بلدات وقرى كانت بعيدة نسبياً عن عمليات الاستهداف الإسرائيلية.
كانت ليلة أمس السبت وفجر اليوم الأحد، واحدة من أكثر الليالي المرعبة على أهالي مناطق واسعة من الجنوب، امتدت من الزرارية وأنصار والمحمودية وفرون وزوطر وزبقين وكفرا ومجدل زون، وصولاً إلى بلدات وقرى في إقليم التفاح. وقد دفع حجم الغارات وأعدادها على المناطق المفتوحة، إلى حزم عائلات أمتعتها والخروج من بلداتهم إلى مناطق عدة، منها صيدا وإقليم الخروب وبيروت، بعدما امتلأت المنازل والبيوت في مناطق صور والنبطية والزهراني عن بكرة أبيها بالنازحين، من مدن وبلدات الحافة الأمامية والخلفية.
التطور الميداني
فبلدة فرون، في قضاء بنت جبيل، التي يفصلها عن بلدات ما كان يعرف بقرى الشريط الحدودي المحتل، وادي الحجير، تعرض خراجها على مدى أيام الأسبوع المنصرم واليوم، لعدد كبير من الغارات الحربية الإسرائيلية، والتي استفاق الأهالي كغيرهم من أبناء القرى المحيطة من ضمنها الغندورية، على أصوات الصواريخ وانفجاراتها الضخمة.
هذا التطور الميداني الجديد، الذي يدنو من قرى كانت بعيدة عن عمليات واعتداءات العدو، دفعت بعائلات كثيرة مقتدرة إلى حد معين، أو تملك منازل بديلة، إلى النزوح المؤقت لجلاء الأوضاع على جانبي الحدود، المتمثلة برد الحزب على سلسلة الاعتداءات الإسرائيلية، من ناحية، ومواصلة إسرائيل غاراتها من ناحية ثانية.
ويؤكد محمد م. أن الغالبية من عائلات البلدة لا تزال في بيوتها، وتترقب مثلها مثل عائلات البلدات المجاورة مجريات التطورات العسكرية، على أن تبني على الشيء مقتضاه.
ويضيف لـ”المدن”، أنه لا يوجد نزوح كبير، وأن العائلات التي تركت بيوتها غالبيتها لديها أطفال، ترعبهم الغارات.
في الطرف الآخر من القطاع الغربي، الذي تعرض لغارات كبيرة وكثيرة، لوحظ تسجيل حالات نزوح فردية، وخصوصاً من بلدة زبقين، وأيضاً مجدل زون، التي كانت نزحت الغالبية من أهلها بعد سلسلة اعتداءات أدت إلى سقوط شهداء مدنيين بينهم أطفال.
يقول م. بزيع، الذي يصمد في زبقين رغم كثافة اعتداءات الأمس على الأودية المحيطة، إن من لديه بدائل خرج من البلدة اليوم بشكل مؤقت، وذلك ربطاً بتصاعد العمليات الحربية على جانبي الحدود.
وأضاف، نحن صامدون حتى الآن، لأننا مقتنعون بالتمسك بالأرض من جهة، وعدم توفّر منزل خارج البلدة. إذ لم نوفق بوجود منزل شاغر في صور ومحيطها .
لا منازل شاغرة
بلدة صديقين، التي تأوي مئات العائلات النازحة من البلدات الحدودية، إلى الأيام القليلة الماضية، لم تشهد اي نزوح رغم تعرض عدد من المنازل لغارات مباشرة، أدت إلى تدميرها وسقوط عدد من الجرحى .ولكن مع الأحداث الأخيرة، سجل نزوح العشرات من العائلات إلى خارجها، وخصوصاّ العائلات القادرة على استئجار منازل ودفع بدلاتها .
ويوضح ح. بلحص، أن أقاربه نزحوا عن البلدة بعد تفاقم الاعتداءات الإسرائيلية المتمثلة بزنار من الغارات الحربية العنيفة. مؤكداً بأن خيارات المواطنين صعبة جداً في حال ساءت الأوضاع، حيث مشكلة المنازل الشاغرة من جهة، وإمكانات الأهالي الاقتصادية من جهة أخرى، والارتفاع المتواصل في أكلاف المعيشة .
تجدر الإشارة إلى أن عدد النازحين إلى منطقة صور، من بلدات الحافة الأمامية، لامس تسعة وعشرين ألفاً (28700)، من ضمنهم مئات العائلات، موزعين على ثلاثة مراكز إيواء في مدارس صور والبرج الشمالي.
المصدر: المدن