منوعات

صرخة توعوية من د غنى ضاهر للطلاب النازحين للعام الدراسي الجديد.

 

 

في ظل الصراعات الدائرة على الحدود اللبنانية، يجد العديد من الأطفال أنفسهم مضطرين لمغادرة مدارسهم الأساسية والانتقال إلى بيئات تعليمية جديدة، وهو أمر يحمل في طياته آثارًا كبيرة على الطلاب، على المستويات النفسية، التربوية، الأسرية، الاجتماعية، سلوكية ،وحتى الأكاديمية.
امام ذلك ونحن على أبواب العام الدراسي الجديد نسلط د. غنى ضاهر اختصاصية تربوية ومستشارة نفسية أسرية الضوء
عن التأثيرات النفسية والتربوية والاجتماعية والسلوكية على الطلاب وخاصة الأطفال مؤكدة بأن التحول المفاجئ للطلاب لا يؤثر فقط على الأداء الأكاديمي ، بل يمتد ليشمل حياتهم النفسية والاجتماعية والسلوكية داخل وخارج المدرسة.
فإن الانتقال من بيئة مألوفة إلى أخرى غير مألوفة تعد تجربة مزعجة ومقلقة بالنسبة للأطفال، وقد ينتج عنها عدة مشكلات نفسية مثل القلق والخوف. فالطلاب الذين يضطرون لترك مدارسهم وأصدقائهم يواجهون شعورًا قويًا بالخوف والقلق نتيجة الانفصال المفاجئ والانتقال إلى مدرسة جديدة، لبيئة غير مألوفة، قد يتفاقم هذا القلق، مما يجعل الطلاب عرضة لمشكلات نفسية طويلة الأمد، مثل القلق المزمن والكوابيس. كما أن مواجهة بيئة جديدة تتطلب من الطلاب قدرا” كبيرا” من التكيف، إلا أن الظروف المحيطة بالطلاب، سواء كانت اجتماعية أو أكاديمية، قد تصعب عليهم التأقلم السريع وكثيرًا ما يجد الأطفال صعوبة في تكوين صداقات جديدة أو فهم ديناميكيات الصفوف الجديدة، مما يؤثر سلبًا على ثقتهم بأنفسهم. بالإضافة إلى ذلك، بسبب الإحساس بالغربة، قد يميل الأطفال إلى الانعزال عن زملائهم الجدد، مما يزيد من فرص ظهور الاكتئاب أو مشاعر العزلة الاجتماعية.

فإن آلاثار التربوية التي تنتج عن النقل القسري للطلاب تكن
ملموسة، منها تفاوت في المستوى التعليمي خاصة أنه يوجد اختلاف بالمناهج الدراسية والأنظمة التعليمية من مدرسة لأخرى، مما يؤدي إلى تفاوت في مستوى التعليم الذي يحصل عليه الطلاب. هذا التفاوت قد يُعقّد من عملية التعلم ويؤدي إلى تأخر في تحصيل الطلاب الأكاديمي. ايضا نتيجة للضغط النفسي المصاحب للتغيير، قد يجد الطلاب صعوبة في التركيز داخل الصفوف، مما يؤثر على أدائهم الأكاديمي. يتطلب للعديد من الطلاب الذين واجهوا تحديات بسبب النقل دعمًا أكاديميًا إضافيًا، سواء من المعلمين أو الأسر، للحاق بزملائهم في المستوى الدراسي.
لذلك فإن نقل الطلاب لا يقتصر على الطلاب أنفسهم، بل يمتد ليشمل أسرهم. قد يتسبب الانتقال في تغيير نمط الحياة الأسرية بشكل كامل، مما يزيد من الضغوط على الوالدين في محاولة التكيف مع التغيير، سواء كان ذلك من حيث النفقات المالية أو الالتزامات اليومية الجديدة. كما يشعر أولياء الأمور بالقلق على مستقبل أبنائهم الأكاديمي والنفسي، وهو ما يزيد من توتر العلاقات داخل الأسرة.

أما الآثار السلوكية لانتقال الطلاب النازحين إلى مدارس جديدة، يمكن أن يواجه الأطفال تغييرات ملحوظة في سلوكهم نتيجة لهذا التحول المفاجئ. قد يظهرون سلوكيات مثل الانسحاب الاجتماعي، حيث يتجنبون التفاعل مع زملائهم الجدد ويشعرون بالعزلة. بعض الأطفال قد يظهرون سلوكيات عدوانية أو تمردية نتيجة الشعور بالضياع أو التوتر وعلى الاهل الانتباه لهذا الأمر. بالإضافة إلى ذلك، قد تتفاقم لديهم مشاعر التوتر والقلق، مما يؤثر على قدرتهم على التركيز والمشاركة في الأنشطة المدرسية. هذه التغيرات السلوكية تستدعي توفير بيئة داعمة تعزز الشعور بالأمان والانتماء.

على الصعيد الاجتماعي، يواجه الطلاب تحديات في الاندماج مع زملائهم الجدد. هذا التحدي يمكن أن يكون صعبًا للغاية، خاصة لأولئك الذين لم يعتادوا على بناء علاقات جديدة بسرعة. فقد يستغرق الأمر وقتًا طويلًا لبناء شبكات دعم اجتماعي جديدة. فالانتقال المستمر يمكن أن يؤثر على إحساس الطلاب بالانتماء، مما يؤدي إلى شعورهم بالضياع أو الغربة.

أما من الناحية الأكاديمية، فإن التغير المفاجئ في النظام التعليمي أو مستوى المناهج قد يؤدي إلى تراجع تحصيل الطلاب، خاصة في ظل غياب التوافق بين المناهج السابقة والجديدة. في مثل هذه الحالات، قد يكون من الضروري توجيه جهود خاصة لدعم الطلاب، مثل توفير برامج دعم أكاديمية أو تعزيز العلاقات بين الطلاب الجدد والمعلمين.

نصائح للمعلمين والمديرين في المدارس الجديدة لاستيعاب الطلاب تشمل التواصل المستمر مع الطلاب الجدد. على المعلمين أن يبنوا جسورًا من الثقة مع الطلاب الجدد من خلال التواصل الفعّال والدعم العاطفي. يجب تشجيع الطلاب على التحدث عن مشاعرهم وتقديم الدعم النفسي اللازم. أيضًا توفير برامج أكاديمية مصممة خصيصًا لمساعدة الطلاب على اللحاق بزملائهم، مع التركيز على تعزيز مهاراتهم الأساسية وتدريج المناهج لتلبية احتياجاتهم. يمكن تنظيم أنشطة جماعية تسهل اندماج الطلاب الجدد مع أقرانهم، مثل أنشطة رياضية أو ورش عمل تنمية مهارات اجتماعية. أخيرًا، يجب على المعلمين والإداريين تلقي تدريبات على كيفية التعامل مع الطلاب في ظل الأزمات، بما في ذلك مهارات التعاطف والتواصل الفعّال.

في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان حاليًا، من الضروري أن تدرك المجتمعات التعليمية أهمية الدعم المتكامل للطلاب المنتقلين، والاهتمام بالجوانب النفسية والتربوية، لضمان توفير بيئة تعليمية مستقرة تساعدهم على تخطي الصعوبات التي يواجهونها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى