أسئلة كثيرة حول حقيقة الموقف الأميركي من التفاوض والحرب و”اسرائيل”، وموقف نتانياهو من الاميركيين قبل زيارته الى الكونغرس وبعدها، علماً أن الكثير قيل عن هذه الزيارة، وعن أن الاميركيين أعطوا الضوء الأخضر لنتانياهو لكي يخوض مغامراته الجنونية في الضاحية الجنوبية وفي قلب طهران أيضاً، وهو ما تؤكد مصادر عليمة بالموقف الأميركي عدم دقته، مشيرة الى أن نتانياهو لم يحصل على الضوء الاخضر من إدارة الرئيس جو بايدن، إنما حصل منها على إشارات ضعف ووهن، جعلته يلعب على هذا الوتر لمحاولة جر الاميركيين الى الحرب مع إيران.
اليوم في ملف التفاوض تعود الأسئلة عن دور الأميركيين الى الواجهة. فعلى الرغم من الموقف السلبي الذي أظهرته حركة حماس من جولة المفاوضات التي عُقدت في الدوحة، والتي كانت هادفة إلى الوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل أسرى بين الحركة و”إسرائيل”، بسبب الشروط الجديدة التي يريد نتانياهو فرضها على الطاولة، إلا أن الولايات المتحدة لا تزال مصرة على بثّ الأجواء الإيجابية، وهي لهذه الغاية أرسلت وزير خارجيتها أنتوني بلينكن من جديد إلى المنطقة، الأمر الذي يطرح الكثير من الأسئلة حول أسبابه.
في هذه السياق، لدى مصادر فلسطينية متابعة قناعة بأن الولايات المتحدة عاجزة أو غير جادة في الوصول إلى إتفاق، وإلا لكانت بادرت إلى فرض ضغوط جدية على “تل أبيب” من أجل الذهاب إلى ذلك، تختلف عن ضغوط المواقف والتصريحات السياسية، خصوصاً أن الجميع بات يعلم أن “إسرائيل” غير قادرة على الإستمرار في المعركة، من دون المساعدات التي تقدم لها من قبل واشنطن، والتي لا تتوقف عند العسكرية منها، بل تشمل تأمين الحماية لها في المحافل الدولية.
وترى هذه المصادر أن الإدارة الأميركية، في ظل المنافسة الشرسة التي تتعرض لها من المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب، تريد أن ترسل إشارات بأنها تسعى إلى الوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار، تسعى من خلاله إلى كسب تأييد الجاليات العربية والإسلامية في الولايات المتحدة، ولكن هل فعلا لا تريد الادارة الاميركية وقف الحرب؟
بحسب المصادر العليمة بالموقف الأميركي، فإن الإدارة الحالية ترغب بكل تأكيد بإنهاء الحرب، ولو بصورة تُخرج نتانياهو منتصراً، ولكنها بكل تأكيد ترغب بخوض الانتخابات الرئاسية بحرب متوقفة ومنتهية لا بحرب مشتعلة واحتمالات حرب اقليمية مرتفعة، ولكن يُدرك نتانياهو أن الإدارة الاميركية الحالية في أضعف حالاتها، وأن الدولة العميقة في اميركا هي الداعمة الاساسية لـ “إسرائيل”، وهي من يقدم صفقات السلاح والمال، لا بايدن. وبالتالي يجب فصل علاقة نتانياهو بأميركا عن علاقته ببايدن وإدارته.
وتؤكد المصادر أن نتانياهو يسعى خلال الوقت المتبقي قبل الانتخابات الاميركية، أن يحقق كل ما كان يعمل من اجله من عشرة أشهر الى اليوم، مشيرة الى أنه لن يعطي الديموقراطيين ورقة رابحة بحال كانت المؤشرات تُظهر تقدم ترامب والجمهوريين بالانتخابات، والعكس أيضاً، مع تقدم الديموقراطيين اليوم حيث لن يرغب نتانياهو بخلق صراع مع إدارة جديدة قبل وصولها، لذلك هناك علاقة تكاملية بين مواقف نتانياهو والصراع الانتخابي في أميركا.