لا مكان للصدف في قاموس حزب الله، ولا قاموس إعلامه الحربي، فاعتماد رقم 4 لمنشأة عماد التي تم الكشف عنها لم يكن صدفة، فهناك 1 و2 و3، وبالتأكيد ما يزيد بعد الأربعة، فما يُكشف عنه غيض من فيض ما هو موجود، تقول مصادر متابعة عبر “الديار”.
هي منشأة لتخزين وإطلاق الصواريخ الثقيلة، الدقيقة، والبعيدة المدى، كشف حزب الله عنها يوم أمس الجمعة، عبارة عن مدينة صاروخية كاملة تحت الأرض، تمر بها الشاحنات حاملات الصواريخ براحة مطلقة، وكأنها تسير على أوتوستراد رئيسي يربط المدن ببعضها، معقدة التكوين وعميقة الحفر، تمتد على مساحة آلاف الأمتار، وبحسب المصادر فإن هذه المنشأة هي واحدة من منشآت عديدة شيدتها المقاومة خلال السنوات التي تلت حرب تموز، منها ما هو أكبر ومنها ما هو أصغر.
خلال حرب تموز 2006 كانت كل شاحنة محمولة، مخصصة لإطلاق الصواريخ، هي هدف اسرائيلي مباشر، وكان من النادر أن “تنجو” منصات الصواريخ من الاستهداف، حتى أنه في فترة من الحرب تحول كل مقاوم يعمل على هذه المنصات بمثابة مشروع شهيد، وهذا ما كان يجب أن يتغير، وتغيّر.
تُشير المصادر الى أن أمرين أساسيين دفعا الحزب لبناء هذه المدن الضخمة تحت الأرض، مباشرة بعد حرب تموز 2006، الأمر الأول هو نتيجة استخلاص العبر من الحرب، والثاني وهو الأهم يقين الحزب بأن ترسانته الصاروخية ستصبح ضخمة وتحتاج الى مساحات شاسعة لحفظها، وإطلاقها في أي حرب جديدة، لذلك كان العمل على بناء هذه المنشأة وغيرها أولوية لدى المقاومة.
بالتأكيد لا يُخفى على العدو الاسرائيلي قيام حزب الله بتجهيز الأنفاق طوال السنوات الماضية، ولا يُخفى عليه أن قدرات الحزب في هذا المجال متقدمة، حتى أنه كان يتحدث عن استعانة الحزب بخبراء اجانب في هذا الملف بالتحديد، ولكن ما تعرفه اسرائيل يختلف عما تراه اليوم، وبعد استخدام قنابل “مارك 84” في كفركلا في رسالة موجهة لأنفاق الحزب، كان لا بد من رد، جاء هذه المرة من “عماد حزب الله”.
لا يزال حزب الله على موقفه برفض الحرب الشاملة، ولا تزال مفاجآته التي تُنشر في حلقات يصدرها الاعلام الحربي تهدف الى خلق المزيد من الردع لثني اسرائيل عن التفكير بشنّ حرب مدمرة على لبنان، وفي منشأة عماد 4 هناك رسائل أساسية هي أن الحرب مع حزب الله ليست كالحرب مع حركة حماس في غزة، وأنفاق الحزب المحفورة بعمق وضخامة كبيرة ليست كأنفاق حركة حماس المحصورة جغرافيا في قطاع غزة، وشُيدت تحت ضغط الحصار الكامل على القطاع والمراقبة الاسرائيلية والعربية والفلسطينية أيضاً، ولا تزال اسرائيل تعاني معها وهي غير قادرة على تفكيكها وتدميرها او إنهاء تأثيرها في مسار الحرب، كما أن صواريخ الحزب ليست كصواريخ حركة حماس التي كانت تدخل القطاع بصعوبة مطلقة، واغلبها تم تصنيعها داخل القطاع المحاصر، بل هي صواريخ ضخمة، تُطلق من محمولات من تحت الأرض، فيُفتح الباب وتخرج الصواريخ ويُقفل الباب.
كذلك تكشف المصادر أن منصات إطلاق الصواريخ لدى المقاومة ليست كلها شاحنات، فهناك منصات ثابتة مخبأة تحت الأرض وتعمل عن بُعُد أيضاً، وذلك في سبيل تحسين تكتيك إطلاق الصواريخ وتقليص الخسائر المادية والبشرية.
من رسائل هذه المدينة المحصنة أيضاً أن أسرار حزب الله التي لا يعلمها العدو كثيرة، وبالتالي الحديث عن ضربة اسرائيلية استباقية لن تؤدي مفعولها بتعطيل قدرات الحزب الذي سيكون قادراً على الرد وبقوة، وبالتالي تستمر الحرب النفسية بين العدو والمقاومة، وهذه المرة كان دور منشأة عماد 4، وبالتأكيد فما خُفي لا يزال أعظم، تختم المصادر.