كيف يستعد القوات والكتائب لاحتمال الحرب؟
مع تسارع تدحرج الأوضاع الأمنية، خصوصاً بعد العمليتين الإسرائيليتين في ضاحية بيروت الجنوبية وطهران والتحضيرات لرّد مقابل عليهما، أصبحت المنطقة برمّتها، خصوصاً لبنان، على فوّهة بركان وخطر جدّي باندلاع حرب واسعة وكبيرة. وزاد من جديّة هذا الخيار التحذيرات الدوليّة وخطط الإجلاء الجديّة التي نشرتها السفارات الغربية في لبنان.
كل هذه الأمور مجتمعة دفعت الحكومة اللبنانية، ومعها القوى اللبنانية الفاعلة على الأرض، إلى إعداد خطط طوارئ للتعاطي مع الأزمة، في ظلّ توقّع نزوح عدد كبير في الداخل اللبناني، بالإضافة إلى ما يمكن أن يستجره القتال أو الحصار من فقدان أمور حياتية مهمّة كالفيول والكهرباء أو المواد الغذائية والمعدات الطبية؛ وهذا الأمر سيطال اللبنانيين جميعاً لا فئة معيّنة فقط.
في الأيام الأخيرة، رُصدت بعض السجالات على وسائل التواصل الاجتماعي حول عمليّة النزوح، التي من المتوقع أن تتجه نحو مناطق جبل لبنان، التي تُعتبر آمنة؛ وكثر الحديث عن غلاء إيجارات المنازل في هذه المناطق، حيث وصلت إلى أرقام فلكيّة غير رائجة في تلك المناطق، فضلاً عن مطالباتٍ بعدم استقبال النازحين، بالشكل الذي تناغمت معه بعض البلديات والمؤسّسات بقيود وإجراءات صعبة؛ وهذا كلّه مجتمعاً خلق جواً غير مريح، وتخوّفاً من إشكالات يمكن أن تحصل بين النازحين وأبناء المناطق.
وعلى الرغم من التحضيرات، التي اعتمدها عدد من الأحزاب غير المنخرطة في الحرب، كتشكيل خلايا أزمة في المناطق، مثلما فعل الحزب التقدمي الاشتراكي، لم تلاقِ الأحزاب المسيحيّة في مناطق جبل لبنان الخطوة، ولم تسجّل أي تحرّكات جديدة على الأرض، أو تشكيل خلايا، أو حتى بلاغات داخليّة لإدارة أزمة متوقعة، لا سيما أن المناطق المشار إليها ستستقبل أعداداً كبيرة من النازحين، إن اندلعت الحرب.
برأي القوات اللبنانية أنّها حزب سياسي وليست الدولة اللبنانية. ومثل هذه الأمور تتخذها الدولة، وهي ملقاة على عاتق الحكومة. وعلى الرغم من التمثيل النيابي الواسع والحيثية الشعبيّة للقوات فلن يحلّ محلّ الدولة، لا بل إنّ الإشكالية الحقيقية تكمن في تغييب الدولة؛ وهذا ما رأيناه في خلال الحرب التي أعلنها السيّد حسن نصرالله في وقت بدت الدولة “شاهد ما شافش حاجة”.
وتعتبر القوات أنها حزب موجود منظّم، مراكزه موجودة في كثير من البلدات والقرى؛ والأكيد أنه سيكون إلى جانب الناس والأهالي إذا اندلعت الحرب “لا سمح الله”، إنما لن يضع خطة طوارئ، فهي موجودة وفاعلة، ولا تعمل غبّ الطلب، فالمراكز والمنسقيّات مفتوحة، والتواصل يوميّ في القرى والبلدات.
فالقوات جسم حيّ، ولا يلتئم غبّ الطلب، وخطة الطوارئ تضعها الدولة لا حزبّ معيّن، مع العلم أن الرؤية العامة هي أن الأمور منذ 10 أشهر حتى اليوم باتت معروفة، وسقف المواجهة بين الفريقين بات معروفًا. إسرائيل تغتال كوادر، والحزب يردّ بالصواريخ. بالتالي، المعادلة هي: “كوادر مقابل صواريخ”.
وترى القوات أن الرأي السائد يشير إلى أن إيران وحزب الله لا يريدان توسيع الحرب، فمنذ 10 أيام لليوم لم يردّا، وإسرائيل لا تريد توسيع الحرب لكنّها ترسل إشارات أن لديها الاستعداد، لكن من يقابلها لا نيّة لديه في هذا الاتجاه.
ويرفض القوات بشكل قاطع الحديث عن إقفال المناطق في حال اندلاع الحرب، ويسأل: “كيف يكون هذا المنطق؟ هل نعود شرقية وغربية وجبل وشمال؟”، مشدّداً على أن “لا شي مطروحًا من هذا القبيل، ولا يمكن أن تقفل المناطق. وإن وقعت الحرب فستكون نسخة مكرّرة من العام 2006 إنما بنسخة غزّاوية أي تدمير شامل. لربما تشكر الناس السيّد نصرالله على تدمير البلد! ولكن هل يقفل الاشتراكي الجبل والقوات تقفل الشرقية؟”. وختم: “كلا، الأمر غير مطروح بتاتًا”.
بدوره، يذكّر حزب الكتائب بموقفه من الحرب “التي كنا وسنبقى ضدها، وضد استجرار مصائب المنطقة إلى لبنان”.
ويحمّل حزب الكتائب “المجتمع الدولي جزءاً كبيراً من المسؤولية في سعيه إلى استرضاء حزب الله من جهة، والحفاظ على أمن إسرائيل من جهة أخرى، متخلّياً لسنوات عن اللبنانيين الذين تُركوا لمصيرهم”.
وعن عدم التحرك على الأرض والتحضير، يؤكّد الكتائب أنه “لا نملك مناطق نفوذ نأمر وننهى فيها، ولا نفرض على الناس خياراتهم. وسنبقى نرفض أن يضعنا حزب الله أمام الأمر الواقع والهرولة للتضامن ودفع الأثمان، وهذا موقفنا منذ عشرة أشهر ولا زلنا نتمسّك به”.
وبحسب الكتائب “لن نتخلى عن الناس ضمن إمكانياتنا، وهذا مدار عمل مستمرّ غير متوقف على الأزمات. وربما أصبحنا نملك خبرة أكثر بعد انفجار مرفأ بيروت وكورنا، إلّا أنّنا سنعمل، ولن نقبل بتحويل كلّ المناطق إلى ساحات قتال، ونرفض استجرار هذه الحرب إلى مناطق ترفضها بالمطلق”.
“النهار”- اسكندر خشاشو