الحر أخرجها من مخابئها: الأفاعي مُنتشرة في لبنان.. هل لدغتها قاتلة؟
ومن المعروف أن الثعابين تتفاعل مع تقلبات الطقس الموسمية، حيث تدخل في حالة تشبه السبات تعرف باسم الخمول brumation في الشتاء، كما أن درجات الحرارة العالية في الصيف قد تتسبب أيضا بخمولها.
ووفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية، يبلغ إجمالي لدغات الأفاعي أكثر من 5 ملايين سنويا، وهي مسؤولة عما يصل إلى 138 ألف حالة وفاة كل عام. كما يمكن أن يتسبب سم الأفعى بالعديد من المشكلات الصحية وبتر الأطراف وإعاقات دائمة أخرى.
فما مدى انتشار الأفاعي في لبنان وكيف يُمكن تجنب لدغاتها؟
يؤكد خبير الزواحف والبرمائيات رامي خشاب عبر “لبنان 24” أن “معظم الأفاعي الموجودة في لبنان غير سامّة وغير مؤذية عكس ما يعتقد الناس”، وأشار إلى ان “الزواحف والأفاعي لا تُحبذ الحرارة المرتفعة وهي حيوانات ذات دم بارد أي ان جسدها لا يولد حرارة كجسم الانسان بل تعتمد حرارتها على الحرارة الخارجية لذا تختبئ في فصل الشتاء وتنام طوال هذه الفترة ثم تُعاود نشاطها مع بداية فصل الربيع، أي ابتداء من شهر آذار حيث تكون الحرارة معتدلة وتتزاوج في ما بينها، وفي الصيف عندما ترتفع درجات الحرارة يمكن رؤيتها في محيط المنازل لأنها تكره الحرارة المرتفعة فتُفتش عن أماكن للاختباء فيها هربا من الحر”.
وأضاف: “قد تدخل الأفاعي إلى المنازل لأن الحرارة في داخلها تكون مُناسبة لها”، لافتا إلى ان “ما يجذب الأفاعي هو وجود الفئران والقوارض والحدائق الكبيرة وفي حال وجود أقفاص للدجاج أو علف أو أراض زراعية فتُشكل مخابئ للزواحف والأفاعي وغيرها من الحيوانات وقد تدخل المنازل إذا استطاعت ذلك”.
يقول خشاب: “تم لغاية اليوم توثيق 25 نوعا من الأفاعي في لبنان 17 منها غير سامة و5 بسموم خفيفة وتُعتبر غير خطرة ولا تؤدي إلى الوفاة و3 أنواع بسم مرتفع وفي حال اللدغة تتطلب عناية طبية وقد تؤدي إلى الوفاة في حالات نادرة”.
ويؤكد خشاب ان “لدغات الأفاعي نادرة جدا في لبنان ،لأن الأفعى تستخدم السم بشكل أساسي للصيد وفي حالات نادرة للدفاع عن النفس حيث تضطر لذلك وتقع المسؤولية في معظم الأحيان على الانسان الذي يتصرف بطريقة غير مسؤولة ما يؤدي إلى التسبب بلدغه كما ان حالات الوفاة من الأفاعي السامة نادرة جدا لأن العناية الطبية تكون كافية للعلاج “.
ويُشير خشاب إلى ان “الأفعى الأكثر انتشارا في محيط المنازل في لبنان هي أفعى غير سامة تُدعى عقد الجوز أو البقلاوية (Hemorrhois nummirer) ومع الأسف بسبب قلة الوعي يتم قتلها ويتم الخلط بينها وبين أفعى فلسطين السامة، ويُضيف: “هذا النوع من الأفاعي أي أفعى عقد الجوز فضولي ووقح ويقترب كثيرا من المنازل خاصة في حال وجود فئران، وهي تتعايش مع الناس وموجودة حتى في بيروت و70 بالمئة من الحالات التي تدخل فيها أفعى إلى المنازل يكون نوعها عقد الجوز أي البقلاوية وهي تنتشر في الساحل اللبناني وحتى ارتفاع 1500 متر” .
ويتابع: “هناك أنواع أخرى من الأفاعي مُختصة بأكل الحشرات كأم 44 والعقارب وأكل السمك مثل أفعى المياه او ثعبان النرد وهي غير سامة وتتواجد في لبنان ولكن للأسف يتم قتلها لأن الناس تعتقد بأنها تشكل خطرا كبيرا”.
ونصح خشاب في حال دخول أفعى إلى المنزل او عند رؤيتها في محيط البيوت بعدم قتلها والتواصل معه شخصيا أو مع أي شخص آخر لديه خبرة في التعامل مع الأفاعي حيث يتم إخراجها من المنزل ووضعها في أماكن بعيدة للمحافظة عليها لأنها جزء من النظام البيئي لأنها في حال انقرضت سنعاني من انتشار هائل للفئران والجرذان كما ستنتشر الأمراض أيضا بشكل كبير”.
كيفية التعامل مع اللدغات
في حال التعرض للدغة أفعى، يُشير خشاب إلى ان “هذا الأمر لا يؤدي إلى الوفاة كما يعتقد الناس ويجب الانتقال إلى أقرب مستشفى للعلاج ومن يعاني من الحساسية أو لديه حالة صحية معينة سيكون عرضة أكثر للخطر من غيره، والأهم عدم تطبيق العلاجات الخاطئة والشائعة عند الناس وما نراه في الأفلام أي يجب عدم امتصاص سم الأفعى أو القيام بشق محيط اللدغة او وضع الماء الباردة أو الساخنة أو ربط اليد فإذا تم ربط اليد وكانت المستشفى بعيدة سيؤدي ذلك إلى قطع الدم عنها ما يؤدي إلى بترها أو بتر أي طرف تعرّض للدغة بسبب عدم وصول الدم إليه وليس لوجود السم فيجب التنبه جدا لهذا الأمر والذهاب فورا إلى المستشفى لتلقي العلاج”.
الزواحف في لبنان
يؤكد خشاب وجود نقص كبير في الدراسات بشأن الزواحف في لبنان ، وقال: “نحن نقوم بتجميع الداتا والعمل ميدانيا واستكشاف مناطق غير معروفة لغاية الآن، وتبين لنا ان هناك 25 نوعا من الأفاعي في لبنان أكثر من 20 نوعا من السحالي منها السحلية عديمة الأرجل أي “أبو قرعة” او “البو حمار” وهي الأسماء المتداولة لها وهي مظلومة في لبنان لأن البعض يعتبرها سامة، كما لدينا أنواع من السلاحف منها أرضية ونهرية وبحرية وشواطئنا الرملية هي ملجأ تبيض عليه السلاحف المهددة بالانقراض ولكن بسبب المنتجعات واستغلال الشواطئ الرملية تتراجع أعشاش هذه السلاحف، ولدينا 8 أنواع برمائيات وهي حيوانات تتأثر بتلوث المياه والأنهر لأنها تتكاثر في الماء”.
يلفت خشاب إلى ان “شعار مهنة الصيدلة هو الأفعى لأن سمومها تنقذ أيضا الأرواح ويتم منها استخراج الأدوية والعلاجات وهي تختلف من نوع لآخر. وثمة دراسات في المختبرات على هذه السموم وتم استغلالها لابتكار الأدوية فسموم أفعى الكوبرا يتم استخدامها في المُسكنات وبعضها أقوى من المورفين، وهناك أفاعي تبين ان سمومها تقوم بمهاجمة الخلايا السرطانية، ومع الأسف هذه الدراسات غير موجودة في لبنان.
ويؤكد خشاب ان “لبنان بلد مميز بالرغم من صغر حجمه سواء من ناحية المناخ او الموقع والتضاريس والجيولوجيا”، ويختم قائلا: “لدينا أنواع عديدة من النباتات المستوطنة وأنواع من الحشرات لا نعرف بوجودها ونوثق بشكل دائم أنواع جديدة من الزواحف منها ما هو معرّض للانقراض وموجود فقط في منطقتنا وهناك ثدييات تُقتل بسبب الخوف وقلة الوعي البيئي مثل الضبع الذي يتم قتله مع انه حيوان جبان ومسالم ويخاف من الناس وهذا الأمر ينطبق بمعظمه على الحياة البرية في
لبنان”.
ختاماً بالتزامن مع موجة الحر من الأفضل الابتعاد عن الحيوانات البرّية والشاردة وعدم التجوّل في البراري والأحراج والحقول التي تضم أماكن غير مرئية تصلح لاختباء الأفاعي، وفي حال التعرّض للدغات التوجه فورا إلى المستشفى والاستعانة بإرشادات الطبيب.