يعتبر رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو، أن جيشه تمكن من تحقيق إنجاز في معركة رفح، ودفع حركة حماس الى التراجع عن بعض الشروط القاسية، والقبول بصفقة التبادل المعروضة أميركياً، لذلك هو يسوق داخل “اسرائيل” لمسألتين: الأولى أنه نجح في دفع حماس الى التراجع، والثانية أن الصفقة ستسمح لـ “إسرائيل” بالعودة للقتال حتى تتحقق جميع أهداف الحرب.
لا شكّ أن ظروفاً سياسية مستجدة ساهمت في العودة الى طاولة التفاوض، منها ما يتعلق بالولايات المتحدة الاميركية وإدارتها، التي تعيش أياماً صعبة على الصعيد الانتخابي، ومنها ما يتعلق بالمحور الذي تقوده طهران وتنتمي إليه حركة حماس. فبالنسبة الى الطرف الأول فإن إدارة الديموقراطيين تعاني صعوبات انتخابية داخلية، مرتبطة بطبيعة المرشح الرئيس الحالي جو بايدن، وصعوبات خارجية تتعلق بالحرب على غزة، إذ لم يعد بالإمكان إخفاء حجم تأثير هذه الحرب في الرأي العام العالمي. فالحرب على غزة لم تُسقط حماس، ولكنها شكلت ركناً من أركان إسقاط اليمين المتطرف في فرنسا، وكان لديها تأثير في نتائج الانتخابات في بريطانيا، حيث خسر الطرفان المتنازعان الكثير من الأصوات نتيجة المواقف من الحرب، وبالتالي تعلم إدارة بايدن أن الحرب التي تؤثر في العالم تؤثر في أميركا أكثر، كونها جزءاً أساسياً منها.
تعلم إدارة بايدن حاجتها الكبيرة الى انهاء الحرب في المنطقة، لأسباب انتخابية آنية وأخرى استراتيجية خشية توسع الحرب الى حرب اقليمية، وأيضاَ الطرف الآخر المتمثل بالمحور الذي تقوده طهران بحاجة الى انتهاء الحرب في الوقت الحالي، بحسب مصادر سياسية متابعة، ارتباطاً بأكثر من عامل:
– أولاً: خسارة “اسرائيل” الحرب، وعدم تمكنها من تحقيق أي إنجاز استراتيجي نوعي رغم الأشهر التسعة، واعتبار انتهاء الحرب في الوقت الراهن هزيمة قاسية جداً على “اسرائيل”، التي قد تنجح في تحقيق أمر ما أو هدف ما، بحال استمرت الحرب لأشهر إضافية.
– ثانياً: وجود نافذة زمنية حالية تنتهي هذا الصيف، مرتبطة بالاستحقاق الانتخابي في الولايات المتحدة الأميركية، فالوصول الى وقف الحرب لا يزال ممكناً في ظل هذه الإدارة، التي تشكل أيضاً إدارة مناسبة للإيرانيين، أفضل من أي إدارة مقبلة للجمهوريين.