استراتيجية أميركية لـ”منع توسع الحرب” بين حزب الله وإسرائيل
تتمثل استراتيجية إدارة بايدن لمنع توسع الحرب إلى لبنان في مبادرة دبلوماسية يقودها المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين، بحسب تقرير لمعهد واشنطن أعده ديفيد شينكر.
بعد 7 تشرين الأول، قامت إسرائيل بإجلاء حوالي 70 ألف مستوطن من منطقة حدودها الشمالية، خوفاً من أن تحاكي قوات الرضوان قواعد اللعبة التي تمارسها حماس وتعبر الحدود لاختطاف إسرائيليين.
وتزعم إسرائيل أنه من الضروري تغيير الوضع الراهن على طول الحدود، لعودة أولئك المستوطنين، إما من خلال الدبلوماسية أو بقوة السلاح.
يتلخص الحل الذي يقترحه هوكشتاين في إحياء وتنفيذ نسخة معدلة من “قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701” الذي أنهى فعلياً الحرب بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006. وكان من المفترض أن يمنع القرار، من بين أمور أخرى، حزب الله من الانتشار جنوب نهر الليطاني بعد انتهاء الأعمال العدائية. لكن “قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان”، أو “اليونيفيل”، كانت تفتقر إلى القدرة والإرادة اللازمة لمنع الحزب من إعادة ترسيخ وجوده على الحدود.
والآن، يسعى هوكشتاين إلى التوسط في اتفاق لوقف إطلاق النار من شأنه أن يؤدي إلى انتقال قوات حزب الله إلى مسافة تبعد حوالي 7 كيلومترات شمال الحدود – إلى نهر الليطاني تقريباً – ونشر عدة آلاف من جنود الجيش اللبناني ليحلوا محلهم.
وفي الوقت نفسه، وفقاً للخطة، ستنهي إسرائيل تحليقات الطائرات والمسيرات فوق لبنان، وستبدأ مناقشات حول النقاط الحدودية المتنازع عليها على طول ما يسمى “الخط الأزرق”، ما قد يؤدي إلى إعادة توحيد بلدة غجر المتنازع عليها لصالح لبنان.
وأخيراً، وفقاً لاقتراح هوكشتاين، سيتم تعزيز قوات “اليونيفيل” المنتشرة في جنوب لبنان، التي يبلغ قوامها 13 ألف جندي – وهي أساساً أكبر قوات دولية لحفظ السلام في العالم من ناحية العدد لكل كيلومتر – بمراقبين إضافيين، ربما من ألمانيا، لتحسين المراقبة والإبلاغ بشكل أكثر دقة عن جهود حزب الله للخداع، أي: إعادة نشر قواته في المناطق المحظورة.
يقول شينكر إن من شأن هذا الترتيب، إذا تم الاتفاق عليه، أن يلبي مطلب إسرائيل المتمثل في دفع قوات الرضوان إلى التراجع، ما يمكّن المستوطنين من العودة إلى مستوطناتهم بشكل مؤقت على الأقل. وحتى لو لم يستمر الاتفاق – كما يتوقع الكثيرون – فإنه سيمنح الجيش الإسرائيلي فترة راحة هو في أمس الحاجة إليها قبل اندلاع الحرب القادمة.
وفي الوقت نفسه، من شأنه أن يوفر لحزب الله انتصاراً ظاهرياً، وهو تحرير المزيد من الأراضي اللبنانية نتيجة للعمليات العسكرية ضد إسرائيل.
ولكن على الرغم من الفوائد الظاهرية لكلا الجانبين، لا يبدو أن مبادرة هوكشتاين تكتسب المزيد من الاهتمام، كما يضيف شينكر الذي يعتقد أن التوقيت يشكل جزءا كبيرا من المشكلة.
وتجدر الإشارة إلى أن حزب الله لا يريد حرباً واسعة النطاق، لكنه ملتزم بمواصلة حملة المقاومة ضد إسرائيل إلى أن يتم التوصل إلى وقف رسمي لإطلاق النار في غزة.
وفي ظل غياب وقف إطلاق النار في غزة ومع اقتراب شهر أيلول، تقوم إسرائيل بتصعيد عملياتها في لبنان.
على الرغم من خسارة حزب الله ما يقرب من 400 من عناصره واستمرار نزوح حوالي 70 ألفاً من ناخبيه الشيعة من جنوب لبنان، يبدو الحزب مرتاحاً نسبياً من الوضع الحالي وليس في عجلة من أمره لتقديم تنازلات.
بيد أن الحكومة الإسرائيلية هي التي تتعرض لضغوط لتغيير الوضع الراهن في جنوب لبنان، وتسهيل العودة الآمنة للمستوطنين. ومع استمرار الحزب في إطلاق النار بشكل أعمق داخل إسرائيل، تزداد احتمالية وقوع حوادث إصابات جماعية بين المستوطنين، ما يشكل سبباً محتملاً آخر للحرب.
يؤكد شينكر أنه “ليس لدى الجيش الإسرائيلي أي أوهام بشأن ما تعنيه الحرب مع حزب الله. ويمكن أن تكون هذه الحرب أكثر تكلفة، من حيث الخسائر العسكرية والمدنية، فضلاً عن الأضرار التي تلحق بالبنية التحتية، في تاريخ إسرائيل”.
وقد تنجح الدبلوماسية الأميركية في النهاية في التوصل إلى تفاهم، على غرار الاتفاق الذي توصل إليه وزير الخارجية الأميركي الأسبق وارن كريستوفر في عام 1996 بعد عملية “عناقيد الغضب” التي شنتها إسرائيل ضد حزب الله. ومع ذلك، من المرجح أن يكون أي ترتيب من هذا القبيل قصير الأجل.
فبعد هجوم 7 تشرين الأول، والهجمات المتواصلة اللاحقة التي شنها حلفاء إيران الإقليميون في اليمن والعراق، والهجوم الصاروخي غير المسبوق الذي شنته إيران في 13 نيسان، ستكون إسرائيل بالضرورة أكثر استباقية في مواجهة تهديداتها المباشرة، بحسب شينكر.
ويختم شينكر بالقول إن “الحرب بين إسرائيل وحزب الله قد تتأجل، إلا أن اندلاع حرب واسعة النطاق قد يصبح أمراً لا مفر منه”.