بعد استهداف فيلا في منطقة البرغلية شرق مدينة صور انتشر تسجيل مصور يُظهر تصوير المكان المستهدف قبل وصول صواريخ الطائرات الحربية بوقت قصير، فبدا وكأن المصور يعلم بمكان الاستهداف وعمد إلى تصويره، الأمر الذي رسم تساؤلات كبيرة حول المشاهد المعروضة، وهوية المصور وأهدافه، وما اذا كان “عميلاً” اسرائيلياً.
فكرة “العمالة” تؤرق أهل الجنوب الذي يخوضون حرباً مع العدو الاسرائيلي منذ 8 تشرين الأول العام الماضي، خاصة أن بعض الاستهدافات التي تحصل في القرى تحمل بصمات عمالة واضحة، كحادثة اغتيال القيادي في حزب الله وسام الطويل، في بلدة خربة سلم، وغيرها من الاستهدافات الدقيقة لشخصيات أو مراكز، مجهولة بالنسبة للعموم، لذلك يشكّ أهل الجنوب بوجود عملاء لاسرائيل ومن مختلف الجنسيات في الجنوب، لبنانيين وفلسطينيين وسوريين.
هذا القلق يدفع الجنوبيين وأحزابهم للتنبه إلى كل ما هو غير مشبوه من حولهم، وهذا ما حصل في بلدة صريفا الجنوبية على سبيل المثال، إذ علم “الملفات” من مصادر خاصة أن شعبة حركة أمل في البلدة ألقت القبض على أحد النازحين السوريين لقيامه بتصوير أحياء داخل البلدة.
وفي التفاصيل التي تنقلها المصادر لموقع “الملفات”، فإن الشاب أثار ريبة عناصر الحركة، علماً أنه من ساكني البلدة الجدد، فتم توقيفه أمس من أجل سؤاله عن الشبهات التي تدور حوله، ومن خلال تفقد هاتفه وُجدت مشاهد مصورة لأحياء داخل بلدة صريفا، كذلك لمناطق أخرى خارج البلدة، اعترف الشاب بأنها مشاهد لأحياء في بلدة زبقين وهي البلدة التي كان يسكن فيها قبل وصوله إلى صريفا مؤخراً، وتبعد عن مدينة صور 17 كيلومتراً، وقد تعرضت سابقاً لاستهداف اسرائيلي، كما وادي زبقين الذي يتعرض بشكل دائم للاستهداف.
وتكشف المصادر أن عناصر الشعبة الذين ألقوا القبض على الشاب لم يبقوه لديهم ولم يجروا معه أي تحقيقات، خاصة بعد أن برز عليه التوتر والقلق والتلعثم بالحديث، فاتصلوا بمخابرات الجيش اللبناني التي تسلمت الشاب وتقوم بالتحقيق معه.
منذ بداية الحرب كانت أخبار “العملاء” تنتشر على وسائل التواصل، بعضها كان دقيقاً والبعض الآخر لم يكن كذلك، حتى أن بعض الاخبار كانت لعملاء تم اعتقالهم في غزة حيث كانوا يعملون لصالح الاحتلال الاسرائيلي ومهمتهم جمع معلومات عن المقاومين الذين اجتازوا السياج الفاصل يوم 7 تشرين الأول الماضي، وقيل أنهم في لبنان، ولكن كل ذلك لا يعني أن العملاء لا ينشطون في لبنان خلال هذه الحرب.
بحسب مصادر متابعة فإن ملف العمالة لم يُغلق في يوم من الأيام ليُفتح مع بداية الحرب، فهناك حرب دائمة بين الأجهزة الامنية اللبنانية وجهاز أمن المقاومة، والموساد وأجهزة الاستخبارات الاسرائيلية، مشيرة إلى أن الفترة التي سبقت الحرب شهدت تكثيف لمحاولات التجنيد في لبنان، حيث كان لافتاً أن العدو سعى للاستفادة من أمرين أساسيين، الأمر الأول الوجود السوري الضخم في لبنان، ووجود بيئات معادية لحزب الله، والأمر الثاني الأزمة الاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان، لذلك كان يعمل على تجنيد العملاء بطريقة مختلفة عن السابق، حيث كان يهتم بالنوعية سابقاً وأصبح يهتم بالكمية حالياً.
وتُشير المصادر الى أن الكمية تعني بالنسبة للعدو أن الاستفادة من العميل قد تكون محدودة للغاية وبحال تم توقيفه فهو لا يخسر شيئاً، وبالتالي معلومة واحدة أو صورة واحدة قد تكفي، أما الدفع فكان محدوداً أيضاً ويتم من خلال وسائل جديدة، مثل الدفع عبر تطبيق تيكتوك.
مع بداية الحرب لم يكن مهماً وجود عملاء بسبب طبيعة المعركة، ولكن مع مرور الوقت تغير الحال، ولا شكّ أن للعملاء دورهم في استهداف بعض المناطق أو بعض الشخصيات، ولكن هذا لا يبرر إلقاء التهم جزافاً أو تعميم التهم، على النازحين مثلاً، خاصة أن المصادر تكشف وجود مساعي اسرائيلية لخلق أزمات بين اللبنانيين والنازحين السوريين لأن أي فوضى في الداخل تكون مفيدة لاسرائيلن وهذه المساعي تقودها الوحدة 8200 الاسرائيلية المسؤولة عن التجسس الإلكتروني وقيادة الحرب الإلكترونية في الجيش الإسرائيلي.
يونيو 20, 2024
2 دقائق