بعد 8 أشهر من الحرب في غزة، تستمر المساعي الدولية لوقف إطلاق النار وإتمام صفقة التبادل بين حماس وإسرائيل.
وذكرت وكالة رويترز أن محادثات الدوحة التي تعقد بمشاركة وسطاء من قطر ومصر والولايات المتحدة تواصل العمل من أجل التوصل إلى صيغة مقبولة من جانب حماس فيما يتعلق بتقديم ضمانات بأن يفضي الاتفاق إلى وقف كامل للأعمال القتالية في غزة وانسحاب إسرائيل من القطاع.
بدورها أكدت مصر تلقي إشارات إيجابية من الحركة بشأن الاتفاق، وقالت إن حماس تدرس بإيجابية مقترح الهدنة على أن ترد عليه خلال أيام.
يأتي ذلك فيما دعت واشنطن في بيان مشترك مع دول عدة حماس وإسرائيل إلى تقديم تنازلات للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، ودعا البيان حركة حماس إلى إبرام الاتفاق وإطلاق سراح الرهائن.
ويقول الوزير الفلسطيني السابق، أشرف العجرمي، خلال مداخلته مع غرفة الأخبار على “سكاي نيوز عربية”:
تعتقد حماس أن الوقت يدور لصالحها في توفير المزيد من الضغوط على إسرائيل يتقبلها بوجودها الفعالية في القطاع.
لدى كل من حركة حماس والحكومة الإسرائيلية مصالح خاصة في استمرار هذه الحرب؛ وعليه، لا تبدو أي منهما مستعجلة للتوصل إلى اتفاق وإنهاء النزاع.
يرى يحيى السنوار وقادة حركة حماس أنه مع مرور الوقت، ستعترف إسرائيل والأطراف الإقليمية والدولية بالدور الذي تلعبه حماس في قطاع غزة حتى وإن لم تكن الجهة الحاكمة بشكل رسمي، إلا أنها ستكون الأكثر تأثيرًا على أرض الواقع في القطاع.
يستمر الطرفان في رفض كل منهما للآخر، مما يعزز حالة الجمود السائدة، في الوقت الذي يدفع المدنيون في قطاع غزة فيها ثمن الصراعات المتشابكة بين إسرائيل والحكومة الإسرائيلية وحركة حماس التي تؤدي إلى استمرار هذه الحرب لضمان البقاء السياسي.
وجود تناقض كبير بين أهداف إسرائيل وحركة حماس، مما يجعل من الصعب التوفيق بين مطالب الجانبين.
يعد التباين بين الطرفين هو النقطة الجوهرية للخلاف القائم.
هناك بعض الأوساط داخل إسرائيل التي تنتقد الحكومة الإسرائيلية لعدم استكمالها عملية الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة.
لم تقم الإدارة الأميركية برفض المقترح الإسرائيلي، لكنها قدمت نفس المشروع الإسرائيلي بشكل مغاير بسبب الاعتراضات داخل مجلس الأمن الذي دفعت للتوصل إلى صيغة أخرى للمشروع.
تدعو الصيغة المعدلة الطرفين إلى الالتزام بما يعرضه الاتحاد الأميركي حالياً وتتناول الدعوة لوقف دائم لإطلاق النار.
استمرار إسرائيل في رفضها لكل المطالب الداعية لوقف إطلاق النار بما فيها المشروع الأميركي المطروح.
الصراع الأساسي لحركة حماس يكمن في البقاء، ومنع تفكيك الحركة بشكل نهائي والقضاء عليها.
إسرائيل لن تنجح في تحقيق هذا الهدف حتى لو استمرت الحرب لسنوات طويلة.
تسعى حركة حماس لأن تُصبح عاملاً رئيسياً وجوهرياً في تحديد مصير الوضع الفلسطيني سواءً في قطاع غزة أو على مستوى قطاع غزة والضفة الغربية معًا.
الإبقاء على سلاح حركة حماس يُعَدُّ ورقة استراتيجية يمكن استخدامها لتأكيد وضمان دور الحركة في المرحلة المقبلة.
إسرائيل هي التي أسهمت في تفاقم الوضع الراهن بفضل سياساتها التي حرصت فيها على تعميق الانقسام الفلسطيني والعمل على تعزيز قوة حماس داخل قطاع غزة.
حركة حماس هي الآن نتاج لمجموعة من العوامل الإقليمية والدولية، بما في ذلك السياسة الإسرائيلية التي تهربت من التزامات التسوية وإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية.
اتبعت السياسات الإسرائيلية نهجاً مستمراً يهدف إلى إضعاف السلطة الفلسطينية وتدميرها بشكل ممنهج.
ومن جهته يرى نائب وزير الخارجية الإسرائيلي السابق، داني أيالون:
يرى بايدن أن العقبات الحقيقية تكمن فقط في وجود حركة حماس في المنطقة، ويعترف بأن إسرائيل قد بذلت جهوداً كبيرة لتوفير كافة الظروف اللازمة لنجاح المبادرة.
وجود حركة حماس في قطاع غزة أو منحها الحق في القيادة أو الحكم، حتى ولو بصورة جزئية، يعادل السماح لتنظيم داعش بحكم الشام والعراق ومناطق أخرى.
حركة حماس ترفض مغادرة قطاع غزة والتمسك بترسانتها العسكرية، كما تعارض تحويل غزة إلى منطقة منزوعة السلاح، وهذا الموقف يواجه رفضاً صارماً من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل وعدد من الدول الأخرى في المنطقة التي تعتبر استمرار هذا الوضع غير مقبول في الوقت الحالي.
حركة حماس تُظهر قلة اهتمام بمعاناة سكان غزة، حيث تستغلهم كدروع بشرية دون مراعاة لآلامهم وصعوبات حياتهم.
من المنظور الإسرائيلي، فإن الغالبية العظمى من الإسرائيليين يرغبون في إنهاء الحرب، ومع ذلك، يشترطون تفكيك حركة حماس وقدراتها العسكرية وضمان عدم وجود مستقبل للحركة كجزء أساسي لتحقيق السلام المنشود.
هناك سببان لاستمرار هذه الحرب: الأول هو أن حماس حولت غزة إلى أحد أكبر الملاجئ المحصنة في العالم، حيث قامت بإنشاء مئات الكيلومترات من الأنفاق تحت الأرض، إلى جانب استخدام السكان كدروع بشرية في المستشفيات والمساجد والمدارس، أما السبب الثاني فهو الاتفاق بين إسرائيل والولايات المتحدة على تقليل عدد الضحايا إلى أقصى حد ممكن، مما يؤدي إلى بطء تقدم العمليات العسكرية.
إسرائيل لا تسعى لإيذاء المدنيين، ولكن تتحمل حركة حماس المسؤولية عن عدد الضحايا، ليس فقط نتيجة لهجماتها وإنما أيضًا بسبب استخدامها للسكان كدروع بشرية.
إسرائيل ملتزمة ومشاركة بشكل فعال في المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن مشروع قرار سيتم عرضه على مجلس الأمن.
في حال تم تبني مشروع القرار من قبل مجلس الأمن، فمن المحتمل أن يزداد الضغط على حركة حماس وسيسهم في تأكيد الشرعية والمشروعية لإسرائيل لمواصلة عملياتها العسكرية.
أما المستشار في مركز الأهرام للدراسات الدكتور عمرو الشوبكي فيقول لغرفة الأخبار:
وجود تفاوت بين حماس الداخل وحماس الخارج؛ ففي الوضع الحالي، يعد التنظيم العسكري المسيطر بفضل قياداته داخل فلسطين وهو الذي يتخذ القرارات النهائية، في حين أن الجناح السياسي لا يتمتع بنفس القدر من النفوذ. وهذا يخالف بعض التجارب الأخرى حيث عادةً ما يكون للجناح السياسي الدور الأبرز والأقوى في حركات المقاومة.
رفض الجانب الإسرائيلي لاتفاقية 6 أيار أدت إلى تعثر جميع المفاوضات السابقة وهو ما يمثل تحديا أيضًا في المقترح الأميركي الحالي.
حماس تتطلع إلى أن تسفر هذه الهدنة المؤقتة، أو ما يمكن وصفه بالهدنة المستمرة، في مرحلتيها الثانية والثالثة عن وقف دائم لإطلاق النار.
تؤكد حركة حماس أنه ليس بإمكانها الإفراج عن جميع الرهائن في المرحلة الأولى، منطلقةً من المخاوف بأن تعيد إسرائيل استئناف عملياتها العسكرية بعد ذلك.
فكرة القضاء العسكري التام على حركة حماس ليست مطروحة كخيار واقعي؛ إذ يمكن إضعاف الحركة، لكن القضاء الكامل عليها غير وارد.
من الضروري وجود مسار سياسي يستهدف تفكيك هذا التنظيم بشكل شامل.
سعت إسرائيل بكل الوسائل العسكرية، مهما كانت الأسباب الداعية، على مدار هذه الفترة إلى القضاء على القدرات العسكرية لحركة حماس وتفكيكها، و التي تستند إلى حاضنة شعبية كبيرة، لكنها لم تحقق النجاح المنشود.
تعتبر هذه الحاضنة الشعبية أن مسار السلام والنهج الشعبي قد فشل، مما دفعها إلى تبني السلاح وارتكاب مجموعة متنوعة من أعمال العنف.
يجب استعادة هذا التوجه بشكل يركز على التنمية السياسية من خلال الرهان على التنمية الاقتصادية وإعادة البناء المؤسسي للدولة الفلسطينية.