أمن الدولة… ما له وما عليه!
إنتهت عملية فرار الموقوف داني الرشيد بعد أقل من 24 ساعة على انطلاقها. ظلم الرشيد نفسه كما ظلم اللواء طوني صليبا، وخان ثقته وأعاد إدخال جهاز أمن الدولة في دوامة صراع الأجهزة والنفوذ، وانتهت عملية الفرار إلى عدة خلاصات في الأمن والسياسة أبرزها:
– إذا كانت هناك من ملامة على نقل داني الرشيد إلى جهاز أمن الدولة، فهي تقع على عاتق القضاء بالدرجة الأولى، لأنه وافق على طلب وكلاء الرشيد ورضخ لضغوطات سياسية من مرجعية الرشيد السياسية، وسمح بعملية النقل. وتقع الملامة بالدرجة الثانية، على عاتق جهاز أمن الدولة الذي كان عليه الطلب من القضاء إعادة النظر بالقرار؛ نظراً للعلاقة التي كانت تربط الرشيد باللواء طوني صليبا.
– لم يسقط اسم الموقوف داني الرشيد سهواً من لائحة الـ 69، والصحيح انه ليس من الموقوفين من قبل أمن الدولة، إنما تم تحويله الى أمن الدولة بموجب قرار مدعي عام التمييز السابق القاضي غسان عويدات، لذلك وبعد إيضاح هذه النقطة من قبل اللواء طوني صليبا لمدعي عام التمييز الجديد القاضي جمال حجار، اصدر قراراً يطلب فيه نقل الرشيد الى مديرية السجون، ومن لائحة ال70 إسماً تمت الموافقة على نقل 18 اسم من اصل 70 بينهم الرشيد.
– إن من أبلغ الموقوف داني الرشيد، بنقله من سجن مركز حماية الشخصيات بأمن الدولة إلى سجن شعبة المعلومات، هو أحد وكلائه القانونيين، وليس جهاز أمن الدولة، فاستعاد الرشيد ذكرياته السيئة عند الشعبة، وقرر الهرب، وذلك وفق المعلومات الأولية بعد توقيف الرشيد.
– لا علاقة لقيادة جهاز أمن الدولة بعملية الفرار أو بتسهيلها، لا من قريب ولا من بعيد، بدليل تجنيد الجهاز لوحداته الأمنية كافةً، لتحديد مكان الموقوف، بالإضافة إلى استخدام علاقاته السياسية العابرة للحدود لاستعادة الموقوف الفار.
– لعبت شخصية سياسية لبنانية دوراً محورياً في استعادة الرشيد من خلال إقناع الجانب السوري بتسليمه، عبر مسعى حثيث من قيادة الجهاز وبالتحديد اللواء طوني صليبا والعميد حسن شقير.
– يوفر أحد الأجهزة الأمنية، غير جهاز أمن الدولة، لأحد السجناء خدمة خمسة نجوم من حيث تجهيز مكان الإقامة وطلب “الدليفري”، ووصل الأمر إلى السماح له بعملية زرع شعر، حيث يُنْقَل على مراحل إلى العيادة المتخصصة العائدة لأحد أبرز المتخصصين بزرع الشعر في بيروت، وتطال الخدمة المميزة العديد من السجناء الآخرين بينهم تجار مخدرات، فلماذا التصويب فقط على جهاز أمن الدولة؟ وأين القضاء من تمييز بعض الأجهزة من بينها أمن الدولة وغيرها بين الموقوفين؟
– عملية فرار الموقوف داني الرشيد من سجن لبناني ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، ويمكن تأليف كتب وإخراج أفلام هوليودية عما يحصل لدى قوى الأمن الداخلي وآخرها ما حصل في سجن بلدة غبالة الكسروانية، حيث اصطحب عنصر أمني عدداً من الموقوفين للقيام بعمليات سلب عدة، وكان يعيدهم إلى النظارة بعد الإنتهاء من المهمة، فلماذا لم يتحرك القضاء، ويستدعي اللواء عماد عثمان إلى التحقيق؟
– بسبب خروج داني الرشيد بطريقة غير شرعية تم تسليمه الى دائرة التحقيق في المديرية العامة للأمن العام بناء لإشارة النائب العام التمييزي لإجراء المقتضى القانوني بحقه (فيما خص عملية خروجه الأراضي اللبنانية بطريقة غير شرعية) بحسب القوانين المرعية الإجراء على أن يُعاد تسليمه الى المديرية العامة لأمن الدولة لإستكمال التحقيق معه بموضوع الفرار.
في المحصّلة، إن الإهتراء الحاصل في مؤسسات الدولة على كل المستويات، ومنها الإدارية والقضائية، قد وصل بالتأكيد إلى المستوى الأمني، لكن الأمر لا يُعالج إلاّ بإعادة تكوين سلطة شرعية لا تشبه سلطة الميلشيات وأمراء الحرب التي تحكم لبنان منذ الـ 90 وإلى اليوم.