مع تصاعد المناوشات… اليكم حال سكان شمالي إسرائيل!
تكشف منطقة هجرها غالبية سكانها عن أجواء الحرب التي باتت تخيم على شمال إسرائيل مع تصاعد المناوشات بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله عبر الحدود.
ويشرح بعض من بقوا من سكان البلدات الحدودية في منطقة الجليل لصحيفة نيويورك تايمز أسباب بقائهم، ورفضهم تنفيذ أوامر الإخلاء التي أصدرتها السلطات بعد السابع من تشرين الأول.
وتكشف رحلة للصحيفة عبر منطقة الجليل، وهي جزء من الأراضي الإسرائيلية يمتد إلى لبنان وغربا باتجاه ساحل البحر الأبيض المتوسط “عن منطقة مهجورة يطاردها الخوف”.
وفي مرمى حزب الله، يصبح هذا الجزء من شمال إسرائيل “منطقة محظورة”، وبالنسبة للإسرائيليين القلائل الذين بقوا في المنطقة التي تم إخلاؤها “أصبح الصراع المحتدم هناك شخصيا إلى حد كبير”.
ومع اندلاع الصراع الدائر منذ هجوم حماس في السابع من تشرين الأول الماضي، يتبادل الجيش الإسرائيلي وحزب الله القصف عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية، ما تسبب في مقتل أفراد من الجانبين.
وقُتل في لبنان منذ بدء التصعيد ما لا يقل عن 325 شخصا، معظمهم من مسلحي حزب الله، وبينهم 55 مدنيا على الأقل، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات للحزب ومصادر رسمية لبنانية.
وفي إسرائيل قُتل 10 جنود وسبعة مدنيين، بحسب الجيش.
ولتجنب إلحاق الأذى بالسكان، أجلت إسرائيل نحو 100 ألف من مواطنيها من البلدات الشمالية، وهي أول عملية إخلاء جماعي للمنطقة في تاريخ إسرائيل.
ونزح عشرات الآلاف من المدنيين اللبنانيين الذين يعيشون قرب الحدود بعد اندلاع القتال أيضا.
وقال المتحصنون في البلدات الحدودية الإسرائيلية الذين يرفضون الإخلاء إنهم يتجنبون إضاءة الأضواء ليلا حتى لا يصبحوا أهدافا.
وباتت منطقة الجليل منطقة محظورة فعليا حتى بالنسبة للعائلات التي عاشت في المنطقة منذ أجيال، وتمنع نقاط التفتيش العسكرية الوصول إلى المجتمعات التي تقع على بعد كيلومترين من الحدود.
من بين هؤلاء السكان الذين بقوا حاييم عميدي (82 عاما)، وهو من سكان بلدة كفار يوفال في الجليل، وهي قرية مهجورة الآن تقع على بعد 1.6 كيلومتر من لبنان.
رفض عميدي التخلي عن البلدة التي أسسها والداه في الخمسينيات من القرن الماضي والذهاب إلى أحد الفنادق. وقال: “لا نغادر بيوتنا. الفنادق مخصصة لقضاء العطلات”.
وفي كريات شمونة القريبة، وهي مدينة إسرائيلية يبلغ عدد سكانها حوالي 24 ألف نسمة، لايزال هناك حوالي 1500 شخص، لكن البنوك ومراكز التسوق والشركات الناشئة مغلقة، ولا يوجد سوى مطعم واحد مفتوح، وهو مطعم متواضع للشاورما والفلافل يقدم خدماته للجنود.
وعرض توبي أبوطبول (22 عاما)، نجل مالك المطعم، على الصحفيين لقطات لما قال إنهما صاروخان مضادان للدبابات سقطا أمامه، الشهر الماضي، بينما كان يقود سيارته على الطريق الرئيسي في المدينة. وأصيبت امرأة قريبة وابنها المراهق بجروح خطيرة في هذا الحادث، بحسب السلطات المحلية.
أما إيتاي ونيف تامير، وهما زوجان في الثلاثينيات من العمر، فقد عادا إلى منزلهما في كيبوتس هغوشريم الحدودي في الجليل، في أواخر يناير، مع ابنيهما اللذين يبلغان عاما و 4 سنوات.
وقالت تامير: “نحاول ألا ندع الخوف يسيطر علينا”، لكنها أوضحت أيضا أن الأسرة نادرا ما تغامر بالخروج بعيدا في الهواء الطلق نظرا لأن جزءا كبيرا من الكيبوتس يقع على مرمى البصر من القرى في لبنان.
ويقول مسؤولون إسرائيليون إنهم يدرسون شن عمل عسكري لإبعاد حزب الله عن الحدود ما لم تتمكن الجهود الدبلوماسية من تحقيق ذلك.
وتشن إسرائيل منذ أسابيع غارات جوية أكثر عمقا داخل الأراضي اللبنانية ضد مواقع لحزب الله، ما يزيد المخاوف من اندلاع حرب مفتوحة.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، في مقابلة حديثة مع “الحرة” إنه يجب إبعاد حزب الله عن المنطقة الحدودية، مضيفا أن الجيش الإسرائيلي قتل 300 عنصرا من حزب الله حتى الآن.
واتهم هاغاري حزب الله برفض دعوة إسرائيل للسلام على الحدود وجر لبنان إلى تصعيد خطير، لكنه قال مع ذلك إن “هناك نافذة دبلوماسية ما زالت مفتوحة”.
وقال مزارع يدعى إيتان دافيدي (53 عاما)، من قرية مارجاليوت الحدودية، لصحيفة نيويورك تايمز إنه تلقى رسالة نصية موقعة من حزب الله حملت تهديدات بالقتل ضده، “وهو ما يشير إلى مدى الطابع الشخصي للأعمال القتالية على الحدود”.
ودافيدي، وهو مزراع ينتج بيض الدجاج ويمتلك بساتين للفاكهة، باتت الحرب شخصية بشكل خاص بعد أن أجرى مقابلات مع وسائل الإعلام الإسرائيلية قال فيها إنه يجب تدمير القرى الحدودية اللبنانية التي تؤوي مسلحي حزب الله.
ورغم أنه قال إنه كان يقصد المباني فقط و”ليس على رؤوسهم”، فقد تلقى رسالة تهديد موقعة من حزب الله عبر الواتساب تذكره باللغة العبرية بأن حظائر الدجاج الخاصة به قد تعرضت للقصف مرتين، “ولن نخطئ الهدف للمرة الثالثة”.
ومنذ ذلك الحين، أحرقت الصواريخ والقذائف معظم حظائره. انفجرت واحدة في الفناء الخلفي لمنزله
وألقى حزب الله ومسؤولون لبنانيون باللوم على إسرائيل أيضا في استهداف المدنيين عبر الحدود.
وفي الشهر الماضي، بعد مقتل عائلة لبنانية في غارة إسرائيلية، اتهم نجيب ميقاتي، رئيس وزراء لبنان، إسرائيل بـ “قتل واستهداف الأطفال والنساء وكبار السن الأبرياء”.
وليل السبت-الأحد، استهدفت خمس ضربات إسرائيلية مركزا مهجورا لحزب الله في منطقة بعلبك، ما أسفر عن إصابة أربعة من سكان المباني المجاورة، وفق الوكالة.
وقال الجيش الإسرائيلي، من جانبه،” “أغارت طائرات حربية في وقت سابق الليلة على ورشة تحتوي على وسائل قتالية تابعة لحزب الله في منطقة بعلبك”.