ماذا يجري في الكواليس بين “كهرباء زحلة” و”كهرباء لبنان”؟
يستعد مجلس الوزراء في جلسته المقبلة، لإصدار قرار يسمح فيه لمؤسسة كهرباء لبنان باستلام امتياز “كهرباء زحلة”، واسترداد جميع الإنشاءات والتجهيزات والمعدات والشبكات عبر إجراء جردة تحدد حالة هذه المنشآت والتجهيز بمفعول “رجعي”، كون هذه الخطوة كان من المفروض أن تحصل مع نهاية العام 2018.
أكثر من علامة استفهام حول خلفية ما يستعد مجلس الوزراء للقيام به على هذا الصعيد، خصوصاً وأن مخالفات وتعقيدات وخفايا هامة تشوب تفاصيل هذا الملف، بحيث تدور حول قانونية استمرار شركة “كهرباء زحلة” بإنتاج الكهرباء من مولداتها الخاصة وتبيعها وكأنها تعود للإمتياز، بموجب عقد مع كهرباء لبنان دون توقيعه من هذه الأخيرة، وقد جرى تمديده عدة مرات، باجتهاد يوصي باستمرارية المرفق العام أو بفعل قانون تمديد المهل، فيما لا علاقة لهذه المولدات بالإمتياز، ولا تشكل جزءاً من أصوله وتجهيزاته.
ويكشف المدير العام السابق في وزارة الطاقة والمياه والمحلل في المعهد اللبناني لدراسات السوق غسان بيضون ل”ليبانون ديبايت”، بأنه ومنذ العام 2018، يتمّ إنتاج الكهرباء في زحلة من مولدات خاصة لا يملكها الإمتياز ولا مستأجرة منه، بل هي تعود لشركة كهرباء زحلة التي تملك الإمتياز.
ويضيف بيضون أنه في العام 2018 انتهت مدة الإمتياز وكان من المفروض في ذلك الوقت أن تحصل جردة بكل الموجودات والأصول التي يملكها وما هو صالح منها أو غير صالح إضافة إلى ما سجلته العدادات، تمهيداً لتسلم الإمتياز من قبل المديرية العامة للإستثمار التي تمثل الدولة بوجود ومشاركة مؤسسة كهرباء لبنان، التي من المفروض أن تستلم المنشآت والتجهيزات وأن تبدأ بتشغيلها وباستثمارها.
وفي هذا المجال، يشير بيضون إلى أنه “من أجل إبقاء الصورة على ضبابيتها وغموضها وإيهام المسؤولين والرأي العام بأن المولدات مرتبطة بالإمتياز، هناك من تعمّد عدم حصول عملية الإستلام من قبل المديرية العامة للإستثمار وتسليمها لكهرباء لبنان، التي تعاقدت مع كهرباء زحلة على تشغيل هذه المولدات وإنتاج الكهرباء بواسطتها وكأنها ملك للمؤسسة ، فيما هي كأي مولدات خاصة أخرى تقوم بإنتاج الكهرباء وبيعها للمواطن بصورة غير مشروعة ومخالفة للقانون، ما يعني أن هناك خدعة في هذا الملف”.
أما بالنسبة للعقد المبني على القانون108/ 2018، والذي لم توقعه “كهرباء لبنان” مع “كهرباء زحلة” بسبب عدم موافقة وزارة المالية عليه في حينه، فيوضح بيضون أنه بالرغم من هذا العيب تم تمديد العقد عدة مرات بحكم الواقع وبناءً على اجتهادات وفتاوى ويبدو مستمراً حتى اليوم .
وقد باشرت كهرباء لبنان بالتحضير لإجراء مناقصة موضوعها “تقديم خدمات كهربائية” يخفي ضمنه تلزيم إنتاج الكهرباء من مولدات خاصة خلافاً للقانون. ويبدو أنه تمّ تفصيل دفتر الشروط على قياس من له خبرة في تشغيل امتياز ولديه خبرة لعدد من السنوات لا تتوفر لدى غير المقصود إرساء الصفقة عليه.
وعند عرض الموضوع على هيئة الشراء العام لإجراء مناقصة ل”تقديم خدمات كهربائية”، طلبت هذه الأخيرة من المؤسسة تقديم إفادة تؤكد جهوزية مواقع العمل لتسليمها للمتعهد الفائز.
وبالتالي، يؤكد بيضون أن التلزيم الذي يحصل تحت هذا العنوان يجري من دون أي مسوغ قانوني خصوصاً وأن كهرباء لبنان لم تستلم بعد شبكات الإمتياز ومختلف تجهيزاته ومنشآته وغيرها من الأصول.
ويقول بيضون إنه و”من هنا نفهم خلفية ما يحاولون استصداره من مجلس الوزراء في محاولة لاستدراك النقص الجوهري والفادح الذي من دونه يستحيل إجراء المناقصة، لعلهم يتمكنون من تأمين تغطية لتمرير ما تخفيه من مخالفات فادحة، لا سيما وأن المرسوم يطلب من مؤسسة كهرباء لبنان وليس من المديرية العامة للإستثمار استلام الإمتياز بعد فوات الأوان، وذلك بقصد أن المؤسسة تنفرد بالإستلام وتبقى المولدات الواقعة خارج نطاق الإمتياز وعلى غير حقيقة ملكيتها فتواصل العمل كما كانت عليه في السنوات الأخيرة منذ العام 2018.”
ويعبر بيضون عن خشيته من أن يبحث مجلس الوزراء هذا الملف، من دون إدراك حقيقة هذا الواقع ومعرفة هذه التفاصيل والمعلومات، فيشكل قراره المبني على معلومات غير صحيحة وغير كافية تغطية لمخالفة فادحة جديدة.
وبعد أن يستغرب بيضون إجراء استلام بمفعول رجعي غير قابل للتطبيق بسبب تغير حالة وأحوال أصول الامتياز وتجهيزاته بعد هذه السنوات، وذلك بسبب تعذر تحديد حالة وواقع وصلاحية المنشآت والتجهيزات والشبكات وما كانت سجلته العدادات بتاريخ 2018/ 12/ 31 ، ليجري التحاسب عليها في إطار المخالصة بما يترتب على وزارة المالية دفعه لصاحب الامتياز بنتيجة استرداده.
وأشار بيضون إلى المسؤوليات عن التقصير والإهمال من قبل لجنة الاستلام التي تم تشكيلها لهذه الغاية في وزارة الطاقة والمياه منذ سنوات ولم تقم بتنفيذ المهمات الموكولة إليها، وأوقعت الدولة في مأزق وساهمت في التستر على حقيقة مولدات كهرباء زحلة الواقعة خارج نطاق الامتياز الذي تملكه الدولة.