اسرائيل: الوضع في الشمال لا يحتمل
تدور حرب غير معلنة على طول التلال التي تفصل إسرائيل عن لبنان، وتشمل قوات بعدد تلك التي تقاتل في قطاع غزة، وإن كانت لا تزال حتى الآن معركة ثابتة إلى حد كبير، تتضمن إطلاق الصواريخ والمدفعية والغارات الجوية، وعمليات تسلل خفية.
ومع أن حزب الله لم يستخدم قوته النارية بعيدة المدى، ولم تأمر إسرائيل دباباتها بالتقدم إلى الأمام، لكن القتال تصاعد هذا الشهر. ولا أحد يعلم كم ستدوم المعركة الحدودية، قبل “نزع القفازات”. وتنقل صحيفة “وول ستريت جورنال” عن ضابط إسرائيلي قوله عن المعركة الحدودية: “لم نطلق عليها اسماً بعد”- لكن في شمال إسرائيل وجنوب لبنان، بدأ الناس يسمونها حرباً.
وحضت واشنطن إسرائيل على عدم شن هجوم بري على جنوب لبنان. إن مثل هذه الخطوة ستشكل تصعيداً حاداً للحرب في الشرق الأوسط، التي بدأت مع هجوم حماس في 7 أتشرين الأول على جنوب إسرائيل، وتسببت في تبادل للقصف والصواريخ والقتل المستهدف من بلاد الشام إلى البحر الأحمر”. وحزب الله الذي فوجئ بأحداث 7 تشرين الاول، يتطلع إلى تفادي حرب شاملة من خلال ضبط هجماته نحو بلدات وقواعد عسكرية في شريط بشمال إسرائيل. لكن إسرائيل تقول إن لا خيار لديها إلا دفع حزب الله شمالاً بعيداً عن حدودها، إلا إذا حدث اختراق دبلوماسي. ويقول الإسرائيليون، من مزارعي التفاح إلى قادة الجيش، إن: “الوضع في الشمال لا يحتمل. وتخشى إسرائيل خسارة جزء كبير من المساحة الصالحة للعيش التي اكتسبتها بشق الأنفس. وحذر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في الأيام الأخيرة من أن الوقت ينفد”. وأجلت إسرائيل معظم المدنيين عن المنطقة الحدودية. وقال رئيس المجلس الإقليمي في الجليل الأعلى غيورا زالتس إن: “نحو 12 ألفاً تم إجلاؤهم حالياً”. وأضاف أن “الاقتصاد المحلي مجمد”. وتحولت حانيتا وكيبوتزات شمالية أخرى، تأسست على القيم الاشتراكية في القرن الماضي، إلى منطقة أشباح. ويقول السكان إنهم لن يعودوا طالما أن مقاتلي حزب الله موجودون قرب السياج الحدودي. وبين هؤلاء قوات الكوماندوس من فرقة الرضوان، التي حاولت مراراً عبور الحدود في مجموعات صغيرة. ومنذ صدمة 7 تشرين الاول، عندما قتلت حماس نحو 1200 شخص، تبدد شعور الإسرائيليين بالأمن وصاروا يخشون أن يعمد حزب الله إلى استنساخ الهجوم. وقوات حزب الله أكثر تسليحاً وتدريباً من قوات حماس. ويتخذ عشرات الآلاف من الجنود الإسرائيليين مواقع دفاعية في هذه الأرض المليئة بالغابات شمالاً. ويطلق حزب الله صواريخ وقذائف هاون في اتجاههم من مخابئ في غابات الصنوبر. ويطلق الحزب يومياً صواريخ كورنيت موجهة بالليزر مداها ستة أميال، مصممة لاختراق أكثف الدبابات سماكة، لكنها تستخدم هنا ضد أهداف عسكرية ومدنية على حد سواء، انطلاقاً عن عربات ومنازل. ويرد الجيش الإسرائيلي بقذائف المدفعية والغارات الجوية. وتنتظر دبابات الميركافا تحت الأشجار. والصبر الدفاعي لا يتحقق بسهولة في الجيش الإسرائيلي. وقال رازيلي الذي بالكاد نجا من صاروخ كورنيت في كانون الأول: “نحن عادة قوة هجومية، ونتخذ المبادرة. إن التزام الدفاع لمئة يوم هو أمر صعب”. كما تخطط الفرق في الشمال وتتدرب على توغل مدرع داخل لبنان. وقال رازيلي: “نحن مستعدون لذلك”. ومن الممكن أن يتسبب غزو إسرائيلي آخر للبنان بدمار هائل في البلدين. وفي السنوات الأخيرة بنى حزب الله ترسانة من 150 ألف صاروخ بعضها تتراوح دقتها بدرجات مختلفة، ويمكنها أن تصل إلى أي مدينة في إسرائيل، بما في ذلك إيلات على البحر الأحمر. وتملك إسرائيل شبكة من أفضل الدفاعات الجوية، لكن حجم الترسانة الصاروخية لدى حزب الله قد يغرقها. وقال رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق إيال حالوتا: “إذا أطلقوا كل ما لديهم، فإنه على رغم جودة أنظمتنا الدفاعية، ستكون هناك الكثير من الإصابات”. ودعم حزب الله أسلحته من إيران وسوريا وروسيا والصين. والكثير من مقاتليه الـ30 ألفاً تمرسوا خلال عقد من القتال في الحرب الأهلية السورية. وقال رازيلي: “إنهم أكثر احترافية من حماس”. ويتصاعد الخوف في أنحاء لبنان من أن إسرائيل ستوسع من غاراتها الجوية. وسبق للغارات والقصف أن أصاب بلدات وقرى في الجنوب، وتسبب بنزوح 100 ألف شخص من المدنيين اللبنانيين حتى الآن. ولا تزال ذكريات الدمار من حرب 2006 قائمة. |