هل أصبح اشتعال الحرب في الجنوب أمراً واقعاً؟
من الواضح أن الستاتيكو الذي بدأ يفرض نفسه في الجنوب ضمن إطار المعارك الحاصلة بين “حزب الله” والعدوّ الاسرائيلي لم يعُد كافياً لكلا الطرفين لتحقيق أهدافهما، وبالتالي ومع مرور الأيام تزداد مخاطر توسّع المعركة من دون أن يعني ذلك الذهاب إلى حرب شاملة.
عمل “حزب الله” بشكل واضح في الأشهر الفائتة على الضغط على اسرائيل وتكبيلها واستنزافها ومنعها من التفرّغ الكامل لجبهة غزّة، وهذا ما نجح به مع اقتراب دخول الشهر الثالث على العدوان الاسرائيلي في القطاع، حيث شكّل جبهة إسناد قوية على الحدود الجنوبية للبنان من خلال ضربات نوعية وفرض معادلة اختلال سقف المعركة ربطاً بواقع غزّة والتطورات في الميدان والتصعيد على كافة جبهات المقاومة في العراق واليمن. غير أن التصعيد الاسرائيلي في القطاع المترافق مع عامل الوقت قد يشكّل خطراً كبيراً على المقاومة الفلسطينية ويقلّل من قدرتها على الصمود رغم الانتصارات التي تحققها في غزة والتي تكبّد الاحتلال الإسرائيلي خسائر فادحة على المستوى البشري والمالي، لكنّ عملية التدمير الممنهجة التي يقوم بها العدوّ في القطاع المُحاصر، وحتى لو تمكّنت المقاومة من الصمود، ستشكّل ضربة استراتيجية لـ”
حزب الله” وحلفائه في المنطقة على اعتبار أن ذلك سيعني انعدام فرصة عودة أهله إليه، الأمر الذي لا يمكن السّماح به، وعليه فإن مرحلة الستاتيكو الراهنة لن تكون كافية في الأيام المقبلة للتحكّم بالنتائج.
وتشير مصادر عسكرية مطّلعة أن اسرائيل بدورها قد لا تكتفي بهذا المستوى من التصعيد تجاه لبنان، لأنّ هذا التصعيد الذي تهدف من خلاله الى ردع “الحزب” يبدو أنه لا يؤتي أكله خصوصاً أن سكّان الجنوب في معظم القرى الأمامية لا يزال جزء كبير منهم موجوداً ويشارك في التشييعات التي يُقيمها “حزب الله” لشهدائه.
في المُقابل تعاني المستوطنات الشمالية الحدودية مع لبنان من أزمة جدية، وذلك بعد أن شهدت نزوحاً كبيراً للسكان مع بدايات طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، إذ إن عدداً كبيراً من البيوت قد دُمّر بشكل كامل أو بات غير قابل للسّكن، وهذا بحدّ ذاته سيشجّع المستوطنين الخائفين على التمسّك بعدم العودة الى هذه المناطق من دون إجراءات تضمن السلام وبالتالي لن يبقى الحال على ما هو عليه في المرحلة المُقبلة، كما أن اسرائيل لن تقبل بعد انتهاء الحرب، بحسب تصريحاتها، ببقاء “حزب الله” على الحدود وهذا لا يمكن فرضه من خلال المستوى الحالي للتصعيد. ومن هنا تصبح إمكانية الانتقال الى مربّع آخر ورفع سقف التصعيد للعمليات العسكرية واشتعال الحرب أمراً واقعاً من كلا الطرفين
ايناس كريمة