هل ستشتدّ المعارك بين “حزب الله” وإسرائيل؟
تكثّفت المباحثات بين حركة “حماس” والعدوّ الإسرائيليّ، عبر مصر وقطر والولايات المتّحدة الأميركيّة، خلال الأيّام القليلة الماضيّة، للتوصّل الى هدنة جديدة في غزة، قبل الدخول في فترة الأعياد المجيدة، لتبادل الأسرى، وإدخال مساعدات إضافيّة إلى القطاع الفلسطينيّ، الذي يشهد حرباً مدمّرة منذ 7 تشرين الأوّل. وفي هذا السياق، فإنّ النقاشات التي تجري في الكواليس، سيسبقها بحسب مراقبين عسكريين إشتداد في المعارك وعمليّات القصف، في فلسطين، كما في جنوب لبنان، لفرض شروطٍ، والحصول على مكاسب، توازيّاً مع الإتّصالات العربيّة – الدوليّة التي تحدث لوقف إطلاق النار مؤقّتاً، أو بشكل دائم.
وبالحديث عن المعارك، فإنّ جبهة جنوب لبنان تشهد وتيرة تصاعديّة، حيث أنّ العدوّ الإسرائيليّ يقصف مناطق في العمق اللبنانيّ، ويستمرّ باستهداف المدنيين، وتدمير المنازل السكنيّة، بينما “حزب الله”، يشنّ هجمات على المواقع العسكريّة الإسرائيليّة، باستخدام صواريخ “بركان” أو المسيّرات الإنقضاضيّة، في كلّ مرّة يُريد فيها توجيه ضربة قاسيّة للجيش الإسرائيليّ، عند الحدود الجنوبيّة.
ويوضح المراقبون العسكريّون في هذا الإطار، أنّ المباحثات تتسارع في الآونة الأخيرة، للإتّفاق على تبادل الرهائن والأسرى بين “حماس” وتل أبيب، في وقتٍ، تشتدّ فيه المعارك من كلا الطرفين في غزة، وأيضاً في جنوب لبنان، لأنّ هدف المتحاربين إستعجال التوصّل الى هدنة. ويُذكّر المراقبون أنّ قبل الهدن الأخيرة، ارتكبت إسرائيل مجازر مروّعة بحقّ الشعب الفلسطينيّ، وهي تُكرّر فعلتها، عبر وضع المراكز الطبيّة، ضمن بنك أهدافها.
ويُشير المراقبون العسكريّون إلى أنّ إسرائيل تُسابق الوقت، وتستعجل الهدنة، لأنّ بعد 3 أيّام سينشغل العالم، وخصوصاً أميركا، بعطلة الميلاد ورأس السنة، وقد تتجمّد الإتّصالات الدوليّة، مع زيادة الضغوط على حكومة بنيامين نتنياهو، بضرورة وقف إطلاق النار، وإنهاء الحرب وقتل المدنيين.
وتجدر الإشارة، إلى أنّ تل أبيب تُحمّل “حماس” مسؤوليّة عدم تمديد الهدنة السابقة، فالحركة تضع شروطاً قاسيّة على إسرائيل، تُشكّل خسارة دبلوماسيّة لها، بعد الفشل الذريع في صدّ هجوم السابع من تشرين الأوّل. ويقول المراقبون العسكريّون، إنّ الجيش الإسرائيليّ لم يستطع تحرير أيّ من رهائنه، وعندما سنحت له الفرصة بذلك، قتل عن طريق الخطأ 3 إسرائيليين، فيما إستمراره بقصف غزة، يُعرّض حياة المحتجزين الآخرين للخطر.
ويُضيف المراقبون أنّ إسرائيل تُكثّف ضرباتها الجويّة إنّ في لبنان أو في غزة، للضغط على “حماس”، والقبول بالشروط التي تضعها حكومة نتنياهو لتحرير الأسرى الإسرائيليين، وعلى “حزب الله”، لوقف التدخّل في الحرب، كيّ لا يجرّ لبنان إليها، وكيّ لا يتمّ تعديل القرار 1701.
وتجدر الإشارة إلى أنّ “حماس”، تُطالب بإطلاق سراح سجناء فلسطينيين، يُعتبرون خطيرين على أمن إسرائيل، كذلك، فإنّها تُريد رفع عدد الأسرى في السجون الإسرائيليّة، التي قد تشملهم صفقة التبادل المرتقبة. ويلفت المراقبون إلى أنّ إسرائيل ستكون خاسرة إنّ وافقت تحت الضغط الدوليّ، على تلبيّة هذه الشروط، لذا، تُحاول قبل التوصّل لأيّ إتّفاق، توجيه ضربات إضافيّة في غزة، وخصوصاً تلك التي تستهدف المدنيين، لحثّ “حماس” على القبول بما هو مقبول، وعدم التصعيد برفع سقف مطالبها.
ويرى المراقبون العسكريّون أنّ المباحثات معقّدة، ولكن العودة إليها تدلّ على أنّ المفاوضات تتقدّم لإنهاء الحرب، ما قد يعني أنّ كافة الجبهات التي تشهد معارك، من جنوب لبنان وغزة والبحر الأحمر، ستشهد تصعيداً خطيراً خلال الأيّام المقبلة، من دون أنّ يعني هذا الأمر إتّساع رقعة القتال، لأنّ “حزب الله” يُدرك أنّ الإتّصالات ستصل إلى نتائج، وستكون لصالح “حماس” أكثر من إسرائيل، أيّ أنّ ضغطه على العدوّ في الجنوب، وتشديد الخناق عليه، لن يجرّه بالضرورة إلى حربٍ كبيرة معه، وستبقى “قواعد الإشتباك” كما هي، حتّى لو خرجت الأمور عن السيطرة بعض الشيء.
ويُتابع المراقبون أنّ ما يجري حاليّاً هو قيام كلّ طرفٍ بتحسين شروط التفاوض، ويُذكّرون أنّ إدارة الرئيس جو بايدن، وضعت مهلة مُحدّدة لنتنياهو، لإنهاء الحرب وتحرير جميع الرهائن، وإعادة الهدوء إلى غزة. وقبل إنقضاء هذه الفترة، ستُحاول إسرائيل إستهداف أكبر عدد من أهداف “حزب الله” و”حماس” العسكريّة، والتضييق أكثر على سكان المدينة الفلسطينيّة المُحاصرة، لتحقيق بعض المكاسب، لأنّ الفرصة لا تزال سانحة أمامها لذلك، قبل التوصّل في الأمم المتّحدة لقرار دوليّ يُطالب بوقف إطلاق النار، والإتّفاق على صفقة تخصّ الأسرى والمحتجزين.
كارل قربان /لبنان24