وسط اقتصاد منهار….قصتان رائعتان لسيدات القهوة
وسط اقتصاد منهار….قصتان رائعتان لسيدات القهوة
نشرت منصّة “بلينكس” الإماراتية تقريراً تحت عنوان: “نساء القهوة” في لبنان.. تجارب صمود وسط اقتصاد منهار، وجاء فيه:
هل رأيتم يوماً نساء يبعن القهوة على الطرقات؟ المشهد هذا موجود في لبنان وإن كان مألوفاً في أماكن أخرى،
لكنّ العبرة تكمن في تفاصيله والأسباب التي دفعت بتلك النسوة للنزول إلى الطرقات وبيع المشروب الأكثر شهرة للعامّة.
في صيدا، جنوب لبنان، روايتان لسيدتين تبيعان القهوة. قصّة الأولى تختلف عن الثانية، لكنّ القواسم المشتركة كثيرة بينهما، منها مواجهة الأوضاع الاقتصادية الصعبة، إثبات الذات وتحدّي المجتمع. فماذا تكشف حكايا هاتين السيدتين؟ ماذا قالتا عن عملهما في “مهنة الرجال”؟
“الرزق على الله”
تحت خيمةٍ صغيرة في البرد والصيف، تسعى فاطمة لأن تساند زوجها في مهنته البسيطة، وتقول لـ”بلينكس”: “الرزق على الله.. الحاجة دفعتنا إلى بيع القهوة على الطريق كي لا نتسوّل رغيف الخبز من الناس”.
وتضيف: “زوجي يأتي إلى هنا منذ الصباح الباكر ليبيع القهوة، بينما أنا أحضر بعد الظهر حاملة معي إليه الطعام لأنه لا يمكنه الذهاب إلى المنزل خلال النهار. التنقلات كلها سيراً على الأقدام، ونحمد الله أن زوجي استطاع تأمين ثمن دراجةٍ نارية صغيرة لكي يأتي بها من منزلنا في منطقة عبرا، شرق صيدا، إلى نقطتنا هذه”.
“خيط وصنّارة وقهوة”
خلال مكوثها إلى جانب زوجها، تُخرج الحاجّة فاطمة صنارتها وخيوط الصوف من حقيبتها الصغيرة، وتبدأ بـ”حياكة وتطريز” بعد المصنوعات القماشية. خلال ذلك، تكون الحاجة فاطمة مسؤولة عن “بسطة القهوة” الخاصة بزوجها الذي يذهب قليلاً إلى المسجد المحاذي له للإستراحة أو الصلاة.
وتضيف: “هنا، أقوم بإعداد قبعات صغيرة ومناديل شتوية، وهناك بعض الزبائن يرون ما أقوم به فيشترون مني أو يطلبون مني حياكة تطريزات خاصة بهم”.
وتختُم: “رغم تقدّمي في السن ورغم الظروف الصعبة، آثرت العمل ولا آبه أبداً لما يُقال عني في المجتمع”.
وتُضيف: “أجار المنزل يصل إلى 300 دولار شهرياً، وهو رقم كبير جداً.. نعمل يومياً من خلال القهوة لتحصيل الإيجار وفي أحيانٍ كثيرة نصل إلى عتبة الشهر ولا نكون قد استطعنا تأمين المبلغ”.
تلفت فاطمة إلى أنَّ الأوضاع صعبة جداً أمنياً ومالياً، وتُردف: “الغلاء فاحش، حتى إن عملنا في القهوة يحتاج إلى تكاليف كثيرة. من شراء البُن إلى الفحم وصولاً إلى الأدوات الأخرى المستخدمة.. كلّ شيء بالدولار فيما زوجي يتقاضى ثمن كوب القهوة بالليرة اللبنانية”.
تحت اسم “كافيه ميمو”، استطاعت منال أن تُميز نفسها بين عشرات المتاجر الموجودة حولها، وقالت لبلينكس “متجري هو علامة فارقة هنا وأعتزّ بأنني أمارس هذه المهنة بشرف. قد يُقال إنه من الغريب أن تبيع فتاة القهوة على الطريق، ولكن ما المانع في ذلك؟”.
وتُكمل: “كما يقال في مجتمعنا، الشغل مش عيب.. هكذا تربيت”.
تكشف منال سبب نزولها إلى ميدان بيع القهوة، وتقول: “كان هذا الأمر بمثابة تحدّ لي.. كنت سابقاً أعمل لدى أحد متاجر بيع القهوة في الغازية، وبعدما وجدت أن هناك نوع من الاستغلال، قررت الإنفصال وبدء مشروعي الخاص في المجال نفسه لكي أكون سيدة نفسي وغير خاضعة لأحد”.
وتابعت: “منذ العام 2016، أنشأت متجري الخاص من الصفر. لم يكن لدي أي أموال خاصة سوى مبلغ مليون ونصف ليرة الذي كان يُساوي قبل أزمة العام 2019 نحو 1000 دولار. ومن هناك، انطلقت تدريجياً وأسست عملي وها أنا اليوم أدير مهنتي باستقلالية تامة ولا ديون عليّ أبداً”.
حربٌ مع الديون
بالنسبة لمنال، فإنّ أولويتها في عملها هو تجنّب الوقوع بأي ديون رغم الأوضاع الصعبة، وتقول: “الغلاء يزداد بشكل مستمر كما أن تقلبات سعر صرف الدولار في لبنان أرهقتني كثيراً، لكنني قررت الصمود والمواجهة، وهذا ما حصل وحقاً حاربت الديون ولم أقع في فخها بتاتاً”.
وتابعت: “من يريد الإستمرار في عمله عليه أن يتحمل وأن يواجه، والإستقلالية هي التي علمتني ذلك، علماً أن الوضع في لبنان لا يحفز أحداً على الإستثمار فيه، لكننا في النهاية يجب أن نلجأ إلى هذا الخيار من أجل البقاء والعيش رغم كل الظروف.