أخبار دولية

بعد نحو 60 يوما من الحرب.. هل فقدت حماس قوتها؟

بعد انتهاء الهدنة الإنسانية وعودة المعارك والاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس في قطاع غزة، تُطرح العديد من التساؤلات بشأن الإمكانيات العسكرية لتلك الجماعة، ومدى تأثرها بعد أكثر من 50 يوما من القتال والقصف المكثف.

وبحسب تقرير صحيفة “غارديان” البريطانية، فإن العملية العسكرية الإسرائيلية ألحقت أضراراً بالبنية التحتية العسكرية للجماعة، وأدت إلى مقتل عدد كبير من مسلحيها.

وترى الصحيفة أن مزاعم حركة حماس بأن لديها “أكثر من 30 ألف مقاتل، مبالغ فيها”، كما أنها ترى الأمر نفسه بشأن تأكيدات إسرائيل أنها “قتلت الآلاف منهم” قبل سريان الهدنة الإنسانية.


وقال ضباط كبار بالجيش الإسرائيلي للصحيفة البريطانية، إن قتلى حركة حماس “يشملون العشرات من القادة الميدانين، لكن قادة الصف الأول لم يُقتل أحد منهم تقريبا”.

وقال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، إيال حولاتا، الخميس: “إن إزالة حماس من غزة تبدأ بالتخلص من قادتها في غزة، وهناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به”.

وكانت حماس قادرة أيضًا على إطلاق عشرات الصواريخ بنجاح على جنوبي إسرائيل، في غضون ساعتين من انتهاء الهدنة صباح الجمعة، كما أن العديد من الأنفاق التي بنتها في قطاع غزة “لا تزال سليمة”، وفق الصحيفة.

من الناحية النظرية، يدير حماس مجلس قيادة أو “شورى” يتكون من المجالس الإقليمية التي ينتخبها أعضاء الحركة في غزة والضفة الغربية والسجناء في السجون الإسرائيلية.

لكن، بحسب خبراء، فإنه “على أرض الواقع، الحركة تمزقها خلافات بين تياراتها، بالإضافة إلى خلافات شخصية بين قادتها”، وفق “غارديان”.

وأوضحت الصحيفة أن هناك “انقساما بين الجناح العسكري للحركة وبين الأجنحة السياسية، بالإضافة إلى خلافات بين قادة الحركة داخل قطاع غزة الذين عاشوا لعقود من الزمن في مرمى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أو أمضوا سنوات في السجون الإسرائيلية، وبين قادة الحركة في قطر وتركيا ولبنان أو أي مكان آخر يعيشون فيه براحة وأمان نسبيين”.

ويقال، وفقا للصحيفة، أن زعيم حماس في غزة، يحي السنوار، “بالكاد يتحدث مع خالد مشعل”، الذي يعد أشهر القادة السياسيين للحركة في الخارج، ويقيم حاليا في قطر.

وليس الواضح ما إذا كان السنوار قد أطلع القيادة السياسية في قطر ولبنان على هجمات 7 تشرين الاول التي أدت إلى مقتل أكثر من 1200 إسرائيلي، معظمهم من المدنيين، لكن يعتقد خبراء، وفق الصحيفة، أنه “أمر غير مرجح (أن يكون أبلغهم)، مما يزيد من الاستياء لدى قادة حماس في الخارج”.

وأشارت “غارديان” إلى أن مراقبين “يقولون إن رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، يحاول التوسط بين تيارات الحركة المختلفة، لكن دون نجاح يذكر”.

وفي هذا الصدد، أوضح المتخصص في الشؤون الفلسطينية بجامعة قطر، أديب زيادة، أن “هنية لديه أيضا مهمة أخرى للقيام بها، إذ أنه يقود الحملة السياسية لصالح حماس مع الحكومات العربية”.

وأضاف زيادة: “هنية يعتبر الواجهة السياسية والدبلوماسية لحماس”.

وكان هنية قد تنقل بين تركيا والعاصمة القطرية الدوحة، هرباً من القيود المفروضة على السفر في قطاع غزة المحاصر، مما مكنه من العمل كمفاوض في اتفاق وقف إطلاق النار السابق، أو التحدث مع حليف حماس الرئيسي، إيران، وفق الصحيفة.

ونقلت “غارديان” عن دبلوماسي أوروبي لم تكشف عن اسمه، أن “القرار النهائي (في حماس) بيد السنوار”، موضحا أن الأخير “عندما قرر قطع الاتصالات مع قيادة الخارج، توقفت المفاوضات مع إسرائيل”.

وأضاف: “لقد سلط هذا الضوء بشكل فعال على من يتخذ القرارات في الحركة”.

للإجابة على هذا السؤال، تشير غارديان إلى أنه في ظل العملية العسكرية الإسرائيلية المتواصلة منذ السابع من تشرين الاول على قطاع غزة – والتي لم تتوقف إلا مؤقتا بفعل الهدنة قبل أن يعود القتال بعد 7 أيام – فإن “الإدارة المدنية” في جميع أنحاء القطاع المحاصر “انهارت”.

وقُتل 15 ألف شخص، 40 بالمئة منهم أطفال، خلال الأسابيع الخمسة من الهجوم الإسرائيلي، وفقًا لوزارة الصحة في غزة. كما نزح ما لا يقل عن 1.5 مليون شخص، ودمرت مساحات شاسعة من المناطق الحضرية.

وسيطرت قوات الجيش الإسرائيلي على شمالي غزة، حيث توجد معظم المكاتب الحكومية، لكن في أماكن أخرى لا تزال حماس تبدو مسؤولة عن المنطقة التي حكمتها لمدة 16 عاماً.

وتمكنت حماس من تحديد مكان عشرات الرهائن وجمعهم وإعادتهم إلى إسرائيل، على الرغم من احتجاز بعضهم لدى فصائل مستقلة أصغر. كما تمكنت أيضًا من إدارة أدواتها الإعلامية “بشكل فعال”، حسب “غارديان”.

حماس كانت تتمتع بالفعل بشعبية كبيرة في الضفة الغربية، وهو الأمر الذي يعزوه كثير من المحللين إلى “إخفاقات السلطة الفلسطينية في إدارة ملف المفاوضات مع إسرائيل”.

وأشار استطلاع للرأي أجري في سبتمبر الماضي إلى أن هنية، الذي غادر قطاع غزة عام 2016، “سيفوز في الانتخابات الرئاسية ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لكنه سيخسر أمام مرشح أقوى من حركة فتح”.

وأثارت أعمال العنف في غزة التوترات في الضفة الغربية، حيث قُتل ما يقرب من 240 فلسطينيًا على يد جنود أو مستوطنين إسرائيليين منذ 7 تشرين الاول، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية.

كما منح إطلاق سراح العديد من السجناء من السجون الإسرائيلية “شعبية لحماس”. وقد أعرب العديد من سكان رام الله، المدينة التي يفترض أنها معقل لحزب فتح الحاكم.

وفي أحد التجمعات هذا الشهر، ردد أعضاء الأحزاب والمنظمات السياسية الليبرالية، هتافات مؤيدة لحماس.

وتبنت حركة حماس هجوم إطلاق النار في القدس، الخميس، الذي أسفر عن مقتل 3 أشخاص في محطة للحافلات، وربما كان ذلك قد أدى إلى عرقلة أي تمديد لوقف إطلاق النار، حسب الصحيفة.

يقول محللون إن المرحلة الأولى من هذا الصراع “انتهت”، ولا يمكن تجديد الترتيب الذي تم التوصل إليه في 24 تشرين الثاني، والذي أدى إلى وقف مؤقت للقتال في غزة وسمح بإطلاق سراح نساء وأطفال محتجزين كرهائن في القطاع، مقابل إطلاق سراح النساء والأطفال الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل في السجون، لكن سيتم تجديده في حال جرى التوصل إلى صفقة تبادل جديدة.

وتريد إسرائيل إطلاق سراح المدنيين الذكور من الرهائن وكذلك الجنود الذين تحتجزهم حماس، بينما ترغب الاخيرة في إطلاق سراح المزيد من كبار السجناء، “بما في ذلك بعض السجناء الذين لن ترغب إسرائيل مطلقاً في الإفراج عنهم”، بحسب غارديان.

وكان عزت الرشق، أحد قادة حماس، قد قال في تصريحات لقناة تلفزيونية قطرية، الأسبوع الماضي: “نحن على استعداد للتفاوض بشأن السجناء العسكريين (الإسرائيليين)، لكن في الوقت المناسب، وسيكون الثمن أعلى بكثير من ثمن إطلاق سراح الرهائن الآخرين”.

ويعتقد صناع القرار السياسي في إسرائيل، أن “الضغط العسكري من شأنه أن يجبر حماس على تقديم التنازلات”.

في المقابل، تظن حماس أنها قادرة على تحويل قوة إسرائيل العسكرية الكبيرة إلى “ضعف سياسي”، على مبدأ “أخسر بعض المعارك، ولكن في نهاية المطاف أفوز بالحرب”، وفق غارديان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى