نقدٌ مستقر واقتصادٌ يهتزّ… ماذا في الأسابيع المقبلة؟
يرصد الإقتصاديون ميدان غزة، وتطورات الحدود اللبنانية الجنوبية، وسط سؤال أساسي: هل تنتهي الحرب؟ كما تتفرّع أسئلة عدة جوهرية من السؤال الإشكالية: هل تتوسّع المواجهات الحدودية؟ هل تشتدّ ضمن أطرها الجغرافية؟ هل تخفّ وتيرتها بالتزامن مع سريان مفهوم الهدن؟
لا أجوبة واضحة، خصوصاً أن المحاولات التي تقوم بها بعض العواصم العربية كالدوحة من أجل إنهاء حرب غزة، لم تصل إلى نتيجةٍ بعد، بسبب تصلّب الإسرائيليين وتمسّكهم بشروطهم لمنع عودة حركة “حماس” إلى قيادة القطاع، بعدما رفعت الحكومة الإسرائيلية سقف خطابها إلى حدود إنهاء وجود تلك الحركة في غزة، وباتت أسيرة الطرح المُستحيل.
رغم ذلك، تتواصل الجهود الديبلوماسية في أكثر من اتجاه، ومحورها تحييد لبنان عن أي صراع مفتوح مع إسرائيل، وهو مضمون الرسائل التي حملها إلى بيروت وتل أبيب المبعوث الأميركي آموس هوكشتين، محذّراً من تداعيات أي توسّع للحرب، وخصوصاً أنه سيعرّض الإتفاقيات بشأن الحدود البحرية لخلطٍ جديد، وينسف مسار منصّات الغاز في الحقول الحدودية، وذلك، مع العلم أن اللبنانيين والإسرائيليين تبادلا النار حدّةً وتصعيداً ضمن قواعد جغرافية معيّنة، ولم يرغبا بتوسيع مساحات الإشتباك.
وعليه، في حال تواصلت الحرب ضمن تلك القواعد، فهل يستعيد لبنان دورة حياته الإقتصادية التي تجمّدت منذ مطلع الشهر الماضي؟ تبدو العين على حركة الآتين إليه، من مغتربين أو سائحين يرغبون بقضاء عطلة الأعياد في كانون الأول المقبل، وهو الشهر الذي تعوّل عليه الهيئات الإقتصادية وقطاعات الخدمات والفنادق والمطاعم لتنشيط العمل، خصوصاً بعد جمودٍ امتدّ من ٧ تشرين الأول، أي منذ تنفيذ “حماس” عملية “طوفان الأقصى”.
إهتزّ الإقتصاد اللبناني الذي يعاني من أزمة أساساً، رغم أن موسم الصيف كان عامراً، إذ لا تُخفي أوساط إقتصادية، أن استعادة النشاط الإقتصادي ينتظر حلولاً ميدانية، أي وقف الحرب الإسرائيلية في غزة، الذي سيجرّ معه هدوءاً بكل اتجاه. وتقول هذا الأوساط الإقتصادية ل”ليبانون ديبايت”، إن بقاء جبهة الجنوب من دون توسّع، كما هي الحال منذ أسابيع مضت، يسمح بإعادة تنشيط السياحة، حيث ينعم لبنان، باستثناء مناطق الجنوب الحدودية، بهدوء واستقرار، يشجّعان المغتربين والسياح على المجيء إلى لبنان، وبالتالي، إعادة تنشيط قطاع الخدمات وتوابعه.
ويعزِّز هذا التوجّه وجود استقرارٍ نقدي لافت، لم يتأثر بمجريات الحرب الحدودية، وفق الأوساط نفسها، والتي ترى أن ما أعلنه مصرف لبنان المركزي عن ازدياد الإحتياطي بالعملة الأجنبية لديه، يرفع من عناصر الثقة، ويساهم في ضخّ الأمل لإنعاش الدورة الإقتصادية. ويقول هؤلاء، إن وجود تلك المبالغ المالية تطمئن السوق، وتمنع أي تلاعب بسعر الليرة، علماً أن الإستقرار النقدي متواصل منذ مطلع شهر آب الماضي.
وبحسب المعلومات المتوافرة لدى الأوساط الإقتصادية، فإنّ هذا الإستقرار ثابت ومستمر لغاية أشهر مقبلة، وعندها تكون الأمور السياسية والميدانية والإقليمية قد اتضّحت.
وكانت المخاوف تصاعدت في الأسابيع الماضية من نتائج أي توسّع بالحرب، نتيجة عدم قدرة لبنان على تأمين تبعاتها المالية. لكن إعلان المصرف المركزي الأخير ساهم في تبديد المخاوف، باعتبار أن المبالغ التي وصلت إلى حدود نصف مليار دولار في احتياطي المصرف، يُمكن أن تسّد مطالب ضرورية عند اشتداد الأزمات.